للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونختم حديثنا بثمرتين مهمتين من ثمار هذا الدرس، وهو أن وجه الشبه لا بد أن يكون مشتركًا بين الطرفين، وموجودًا، وملاحظًا في كل منهما، إما على طريق التحقيق، وإما على طريق التخييل والتأول، لكن لا بد أن يتناول كل جزء في المشبه أو المشبه به، هذا أمر في غاية الأهمية، ولا بد أن يحقق هدف القائل أو البليغ؛ سواء كان هذا الكلام البليغ في كلام الله -سبحانه وتعالى، أو في سنة النبي -صلى الله عليه وسلم، أو في كلام البلغاء، هذه هي الثمرة الأولى من ثمار هذا الدرس.

أما الثمرة الثانية: فهو أننا لا بد أن نعرف أن هناك مقارنة وفرق بين التشبيه المركب والتشبيه المتعدد، كما أن هناك فرق كذلك بين وجه الشبه المركب، ووجه الشبه المتعدد فوجه الشبه المركب، لا بد أن ينتزع من عدة أمور معتبرة في كل من الطرفين؛ بحيث إذا ترك بعضها لا يتم وجه الشبه، بل يضيع الغرض الذي يقصده المتكلم من التشبيه؛ لأنه يهدف إلى مزج هذه الأمور وخلطها، واستخلاص هيئة تركيبية منهما يعني: من المشبه والمشبه به.

أما الوجه المتعدد: فإن الأمور المعتبرة في الطرفين لا تمزج، بل يظل كل أمر منها مستقل؛ بحيث يمكن الاستغناء عن بعضها دون أن يفسد التشبيه، فقولنا مثلًا: المهاجرون كالأنصار في قوة الإيمان، ومحبة النبي -صلى الله عليه وسلم، والتفاني في نصرة الحق يمكن الاستغناء عن بعض هذه الصفات عن صفة أو صفتين بخلاف التشبيه إذا كان مركبًا، وكذلك وجه الشبه إذا كان هيئة، فإن هذا لا يمكن تغافل أي: من هذه الأجزاء، هذا هو الفرق بين التشبيه ووجه الشبه، وجه الشبه، أو المشبه، أو المشبه به، مركب، أو وجه الشبه، أو المشبه، أو المشبه به المتعدد، فالمتعدد يمكن فك أجزائه واختصارها، وحذف شيء منها.

أما المركب فلا يمكن بحال من الأحوال حدوث شيء من هذا على الإطلاق.

ونسأل الله -سبحانه وتعالى- التوفيق والسداد، هذا والله تعالى أعلى وأعلم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

<<  <   >  >>