للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْعَالِيَةِ: {وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} يَعْنِي: الْعُلَمَاءُ. وَالظَّاهِرُ -وَاللَّهُ أَعْلَمُ-أَنَّ الْآيَةَ فِي جَمِيعِ أُولِي الْأَمْرِ مِنَ الْأُمَرَاءِ وَالْعُلَمَاءِ، كَمَا تَقَدَّمَ .... وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {أَطِيعُوا اللَّهَ} أَيْ: اتَّبِعُوا كِتَابَهُ {وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} أَيْ: خُذُوا بِسُنَّتِهِ {وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} أَيْ: فِيمَا أَمَرُوكُمْ بِهِ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ لَا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: "إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ" ا. هـ

فوظيفة الأمراء إنما هي إلزام الناس بشرع الله وتطبيقه والعمل به والتحاكم إليه. مع ما أوجب الله عليهم من حفظ الأعراض والنفوس والمحافظة على الأمن.

ووظيفة العلماء تبيين معاني ما أنزل الله - جل وعلا - على رسوله -صلى الله عليه وسلم- وليست وظيفتهم -العلماء أو الأمراء- أن يحللوا ما يشاءون، أو يحرموا ما يشاءون.

والمقصود أن الله لم يجعل طاعتهم استقلالا بل كانت طاعتهم تبعا لطاعة الله ورسوله، يطاعون فيما فيه طاعة لله ولرسوله.

يَجْعَلُهُمْ آَلِهَةً: يعني إذا أطاعهم استقلالا. فالطاعة الاستقلالية نوع من أنواع العبادة، فيجب إفراد الله - جل وعلا - بها، وغير الله - جل وعلا - إنما يطاع لأن الله - جل وعلا - أذن بطاعته، وإنما يطاع فيما أذن الله به في طاعته، فالمخلوق لا يطاع في معصية الله؛ لأن الله لم يأذن أن يطاع مخلوق في معصية الخالق سبحانه. ومن أطاع العلماء والأمراء في تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرمه فقد اتخذهم أربابا من دون الله لأنه اعتبرهم مشرعين، واعتبر تشريعهم شرعا يعمل به.

<<  <   >  >>