للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بَابُ الْخَوْفِ مِنَ الشِّرْكِ

٣٥ - وَالشِّرْكُ يَا بَنِيَّ لَيْسَ يُغْفَرُ … أَقْبَحُ ذَنْبٍ فِي الْوَرَى وَأَكْبَرُ

ينبغي للمؤمن الموحد أن يجعل "الخوف من الشرك" نصب عينيه، فيحذره ويعرف أسبابه ومبادئه وأنواعه لئلا يقع فيه.

(١) وإن من دواعي "الخوف من الشرك" أنه أكبر الكبائر وأنه:

" لَيْسَ يُغْفَرُ" للعبد إذا لقي الله عليه ولم يتب منه. لأنه: "أَقْبَحُ ذَنْبٍ فِي الْوَرَى" يعني الخلق، وأعظم ذنب عُصِيَ الله به، ولهذا رتب عليه من عقوبات الدنيا والآخرة ما لم يرتبه على ذنب سواه، من إباحة دماء أهله وأموالهم، وسبي نسائهم وأولادهم، وعدم مغفرته من بين الذنوب إلا بالتوبة منه. قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: ٤٨]. فأخبر سبحانه وتعالى أنه لا يغفر أن يشرك به وهذا محمول على من لم يتب من الشرك ولقي الله مشركا {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ} أَيْ: مِنَ الذُّنُوبِ {لِمَنْ يَشَاءُ} أَيْ: مِنْ عِبَادِهِ. فأصحاب الكبائر تحت المشيئة، إن شاء الله غفر لهم وإن شاء عذبهم. وهذا في حق من لم يتب من فعل الكبيرة ولقي الله عليها. وأما مع التوبة النصوح فإن الله تعالى يغفر الذنوب جميعا، كما قال تعالى: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: ٥٣] فهذه الآية في حق التائبين، والآية السابقة في حق من لقي الله مشركا لم يتب منه. قال الحافظ ابن كثير في تفسير "آية سورة الزمر": هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ دَعْوَةٌ لِجَمِيعِ الْعُصَاةِ مِنَ الْكَفَرَةِ وَغَيْرِهِمْ إِلَى التَّوْبَةِ وَالْإِنَابَةِ، وَإِخْبَارٌ بِأَنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا لِمَنْ

<<  <   >  >>