والنوع الثاني من التنجيم: هو ما يسمى علم التأثير، وهو الاستدلال بحركة النجوم والتقائها وافتراقها، وطلوعها وغروبها، على ما سيحصل في الأرض، فيجعلون حركة النجوم دالة على ما سيقع مستقبلا في الأرض، والذي يفعل هذه الأشياء ويستدل بها يقال له: المنجم، وهو من أنواع الكهان؛ لأنه يخبر بالأمور المغيبة عن طريق الاستدلال بحركات الأفلاك وتحرك النجوم، وهذا النوع محرم وكبيرة من الكبائر، وهو نوع من الكهانة وكفر بالله- جل وعلا-؛ لأن النجوم ما خلقت لذلك وهؤلاء تأتيهم الشياطين، فتوحي إليهم بما يريدون وبما سيحصل في المستقبل ويجعلون حركة النجوم دليلا على ذلك.
النوع الثالث مما يدخل في اسم التنجيم: ما يسمى بعلم التسيير، وهو أن يتعلم منازل النجوم وحركاتها، لأجل أن يعلم القبلة، والأوقات، وما يصلح من الأوقات للزرع وما لا يصلح، والاستدلال بذلك على وقت هبوب الرياح، وعلى الوقت الذي جرت سنة الله ألا ينزل فيه من المطر كذا، ونحو ذلك. فهذا يسمى علم التسيير، وقد رخص فيه بعض العلماء، وسبب الترخيص فيه: أنه يجعل النجوم وحركتها والتقاءها وافتراقها، وطلوعها أو غروبها، يجعل ذلك وقتا وزمنا، لا يجعله سببا، فيجعل هذه النجوم علامة على زمن يصلح فيه كذا وكذا، والله -جل وعلا- جعل النجوم علامات كما قال تعالى:{وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ}[النحل: ١٦] فهي علامة على أمور كثيرة، كأن يعلم- مثلا- أنه بطلوع النجم الفلاني يدخل وقت الشتاء، فدخول الوقت ليس بسبب طلوع النجم، ولكن حين طلع استدللنا بطلوعه على دخول الوقت، وإلا فهو ليس بسبب لحصول البرد، وليس بسبب لحصول الحر، وليس بسبب للمطر، وليس بسبب لمناسبة غرس النخل أو زرع المزروعات ونحو ذلك، ولكنه وقت، فإذا كان على ذلك فلا بأس به قولا أو تعلما؛ لأنه يجعل النجوم وظهورها وغروبها أزمنة وذلك مأذون به ا. هـ