وعلا- وصفاته، لأن عبودية البشر لله - جل وعلا - عبودية حقيقة، وإذا قيل: هذا عبد الله، فهو عبد لله إما قهرا أو اختيارا، فكل من في السماوات والأرض عبد لله- جل وعلا- كما قال- جل وعلا- {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (٩٣) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (٩٤) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا} [مريم: ٩٣ - ٩٥]، فعبودية الخلق لله- جل وعلا- ظاهرة؛ لأنه هو الرب، وهو المتصرف، وهو خالق الخلق، وهو المدبر لشئونهم، فالله- جل وعلا- هو المتفرد بذلك سبحانه، فإذا قال الرجل لرقيقه: هذا عبدي، وهذه أمتي، كان فيه نسبة عبودية أولئك له، وهذا فيه منافاة لكمال الأدب الواجب مع الله- جل وعلا-؛ ولهذا كان هذا اللفظ غير جائز عند كثير من أهل العلم، ومكروه عند طوائف آخرين. وسبب النهي عن لفظ:«عبدي وأمتي» وجوب تعظيم الربوبية، وعدم انتقاص عبودية الخلق لله جل وعلا.
وهذا النهي في هذا الحديث اختلف فيه أهل العلم على قولين: الأول: أنه للتحريم، لأن النهي الأصل فيه للتحريم إلا إذا صرفه عن ذلك الأصل صارف.
وقال آخرون: النهي هنا للكراهة، وذلك لأنه من جهة الأدب، ولأنه جاء في القرآن قول يوسف -عليها السلام- {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ}[يوسف: ٤٢] ولأن الربويية هنا المقصود بها ما يناسب البشر، فرب الدار، ورب العبد هو الذي يملك أمره في هذه الدنيا؛ فلهذا قالوا: النهي للكراهة وليس للتحريم، مع ما جاء في بعض الأحاديث من تجويز إطلاق
بعض تلك الألفاظ. وقوله:«وليقل: سيدي ومولاي» السيادة مع كون الله جل وعلا هو السيد، لكن السيادة بالإضافة لا بأس بها؛ لأن للبشر سيادة تناسبه.