وعثمان، وعلي -رضي الله عنهم- كما كانوا يتبركون بشعر النبي -صلى الله عليه وسلم-، أو بوضوئه، أو بنخامته، أو بعرقه أو بملابسه، ونحو ذلك، فعلمنا بهذا التواتر القطعي أن بركة أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما- إنما هي بركة عمل، ليست بركة ذات تنتقل كما هي بركة النبي -صلى الله عليه وسلم- بل هي: بركة عمل راجعة إلى الإيمان، وإلى العلم، والدعوة، والعمل.
وكل مسلم فيه بركة، وهذه البركة ليست بركة ذات، وإنما هي بركة عمل، وبركة ما معه من الإسلام والإيمان، وما في قلبه من الإيقان والتعظيم لله - جل وعلا - والإجلال له، والاتباع لرسوله -صلى الله عليه وسلم-، فهذه البركة التي في العلم، أو العمل، أو الصلاح: لا تنتقل من شخص إلى آخر وعليه: فيكون معنى التبرك بأهل الصلاح هو الاقتداء بهم في صلاحهم، والتبرك بأهل العلم هو الأخذ من علمهم والاستفادة منه وهكذا، ولا يجوز أن يُتبرك بهم بمعنى أن يُتمسح بهم، أو يُتبرك بريقهم؛ لأن أفضل الخلق من هذه الأمة وهم الصحابة لم يفعلوا ذلك مع خير هذه الأمة أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، -رضي الله عنهم- وهذا أمر مقطوع به.
فمعنى تبرك المشركين: أنهم كانوا يرجون كثرة الخير، ودوام الخير، ولزوم الخير وثبات الخير، بالتوجه إلى الآلهة، وهذه الآلهة يكون منها: الصنم الذي من الحجارة، والقبر من التراب، ويكون منها الوثن والشجر، ويكون منها البقاع المختلفة، كالغار أو عين ماء، أو نحو ذلك، فهذه التبركات المختلفة جميعها تبركات شركية.
والتبرك بالشجر، أو بالحجر أو بالقبر، أو ببقاع مختلفة: قد يكون شركا أكبر، وقد يكون شركا أصغر.