هَذَا من السنة واحتج بحديث أم خالد أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أتى بثياب فيها خميصة١ سوداء فَقَالَ من ترون أكسو هذه فسكت القوم فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"ائتوني بأم خالد: قالت فأتى بي فألبسنيها بيده وقال: "أبلى وأخلقي".
قَالَ المصنف: وإنما ألبسها رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لكونها صبية وكان أبوها خالد بْن سَعِيد بْن العاص وأمها همينة بنت خلف قد هاجروا إِلَى أرض الحبشة فولدت لهما هناك أم خالد وأسمها أمة ثم قدموا فأكرمها رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لصغر سنها وكما اتفق فلا يصير هَذَا سنة وما كان من عادة رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلباس الناس ولا فعل هَذَا أحد من أصحابه ولا تابعيهم.
ثم ليس من السنة عند الصوفية أن يلبس الصغير دون الكبير ولا أن تكون الخرقة سوداء بل مرقعة أَوْ فوطة فهلا جعلوا السنة لبس الخرق السود كَمَا جاء فِي حديث أم خالد وذكر مُحَمَّد بْن طاهر فِي كتابه فَقَالَ باب السنة فيما شرط الشيخ عَلَى المريد فِي لبس المرقعة واحتج بحديث عبادة بايعنا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السمع والطاعة فِي العسر واليسر قَالَ المصنف فانظر إِلَى هَذَا الفقه الدقيق وأين اشتراط الشيخ عَلَى المريد من اشتراط رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الواجب الطاعة عَلَى البيعة الإسلامية اللازمة.
فصل: وأما لبسهم المصبغات فإنها إن كانت زرقاء فقد فاتهم فضيلة البياض وإن كانت فوطا فهو ثوب شهرة وشهرته أكثر من شهرة الأزرق وإن كانت مرقعة فهي أكثر شهرة وَقَدْ أمر الشرع بالثياب البيض ونهى عَنْ لباس الشهرة فأما أمره بالثياب البيض فأَخْبَرَنَا هِبَة اللَّهِ بْن مُحَمَّدٍ نا الْحَسَنُ بْن عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ نا أَحْمَد بْن جَعْفَر ثنا عَبْد اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ثني أبي ثنا عَلِيّ بْن عَاصِم نا عَبْدُ اللَّهِ بْن عثمان بن حثيم عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمُ الْبِيضَ فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ" قال عَبْد اللَّهِ وحدثني أبي ثنا يَحْيَى بْن سَعِيد عَنْ سفيان ثني حبيب بْن أبي ثابت عَنْ ميمون بْن أبي شبيب عَنْ سمرة بْن جندب عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الْبَسُوا الثِّيَابَ الْبِيضَ فَإِنَّهَا أَظْهَرُ وَأَطْيَبُ وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ" قَالَ التِّرْمِذِيّ هذان حديثان صحيحان وفي الباب عَن ابْن عُمَر قَالَ وهذا الذي يستحبه أهل العلم وقال أَحْمَد بْن حنبل واسحاق أحب الثياب الينا