للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَالْأَعْنَاقِ} قَالَ فسكت ابْن مجاهد فَقَالَ لَهُ أبي أردت أن تسكته فأسكتك ثم قَالَ لَهُ قد أجمع الناس إنك مقرىء الوقت فأين فِي القرآن إن الحبيب لا يعذب حبيبه قَالَ فسكت ابْن مجاهد فَقَالَ لَهُ أبي قل يا أبا بَكْر فَقَالَ قوله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ} فَقَالَ ابْن مجاهد كأنني مَا سمعتها قط.

قَالَ المصنف رحمه اللَّه: قلت هذه الحكاية أنا مرتاب بصحتها لأن الْحَسَن بْن غالب كان لا يوثق به أَخْبَرَنَا القزاز نا أَبُو بَكْر الخطيب قَالَ ادعى الْحَسَن بْن غالب أشياء تبين لنا فيها كذبه واختلاقه فَإِن كانت صحيحة فقد أبانت عَنْ قلة فهم الشبلي حين احتج بهذه الآية وقلة فهم ابْن مجاهد حين سكت عَنْ جوابه وذلك أن قوله: {فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ} لأنه لا يجوز أن ينسب إِلَى نبي معصوم أنه فعل فساد والمفسرون قد اختلفوا فِي معنى الآية فمنهم من قَالَ مسح عَلَى أعناقها وسوقها وقال أنت فِي سبيل اللَّه فهذا إصلاح ومنهم من قَالَ عقرها وذبح الخيل وأكل لحمها جائز فما فعل شيئا فيه جناح فأما إفساد ثوب صَحِيح لا لغرض صَحِيح فإنه لا يجوز ومن الجائز أن يكون فِي شريعة سُلَيْمَان جواز مَا فعل ولا يكون فِي شرعنا أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن ناصر الْحَافِظ أَنْبَأَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَدَ بْن أبي الصقر ثنا عَلِيّ بْن الْحَسَنِ بْن جحاف الدمشقي قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ أحمد بْن عطاء كان مذهب أبي علي الروزباري تخريق أكمامه وتفتيق قميصه قَالَ فكان يخرق الثوب المثمن فيرتدي بنصفه ويأتزر بنصفه حتى أنه دخل الحمام يوما وعليه ثوب ولم يكن مَعَ أصحابه مَا يتأزرون به فقطعه عَلَى عددهم فاتزروا به وتقدم إليهم أن يدفعوا الخرق إذا خرجوا للحمامي قال ابْن عطاء قَالَ لي أَبُو سَعِيد الكازروني كنت معه فِي هَذَا الْيَوْم وكان الرداء الذي قطعه يقوم بنحو ثلاثين دينارا.

قَالَ المصنف رحمه اللَّه: ونظير هَذَا التفريط ما أَنْبَأَنَا به زاهر بْن طاهر قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْر البيهقي نا أَبُو عَبْد اللَّهِ الحاكم قَالَ سمعت عَبْد اللَّهِ بْن يوسف يَقُول سمعت أبا الْحَسَن البوشنجي يَقُول كانت لي قبجة١ طلبت بمائة درهم فحظرني ليلة غريبان فقلت للوالدة عندك شيء لضيفي قالت لا إلا الخبز فذبحت القبجة وقدمتها إليهما.

قَالَ المصنف رحمه اللَّه: قد كان يمكنه أن يستقرض ثم يبيعها ويعطي فلقد فرط أخبرنا


١ القبجة واحد القبج للذكر والأنثى وهو الحجل طائر معروف.

<<  <   >  >>