للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنس فإنه نهى عَنِ الغناء وعن استماعه وقال إذا اشترى جارية فوجدها مغنية كان لَهُ ردها بالعيب وَهُوَ مذهب سائر أهل المدينة إلا إبراهيم بْن سَعْد وحده فإنه قد حكى زكريا الساجي أنه كان لا يرى به بأسا.

فصل: وأما مذهب أبي حنيفة رَضِيَ اللَّهُ عنه أَخْبَرَنَا هِبَة اللَّهِ بْن أَحْمَدَ الحريري عَنْ أبي الطيب الطَّبَرِيّ قَالَ كان أَبُو حنيفة يكره الغناء مَعَ إباحته شرب النبيذ ويجعل سماع الغناء من الذنوب قَالَ وكذلك مذهب سائر أهل الكوفة إِبْرَاهِيم والشعبي وحماد وسفيان الثوري وغيرهم لا اختلاف بينهم فِي ذلك قَالَ ولا يعرف بين أهل البصرة خلاف فِي كراهة ذلك والمنع مِنْهُ إلا مَا روى عُبَيْد اللَّه بْن الْحَسَنِ العنبري أنه كان لا يرى به بأسا.

فصل وأما مذهب الشافعي رحمة اللَّه عَلَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا إسماعيل بْن أَحْمَدَ نا أَحْمَد بْن أَحْمَدَ الحداد نا أَبُو نعيم الأصفهاني ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَن ثنا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الحارث ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيم بْن جياد ثنا الْحَسَن بْن عَبْدِ الْعَزِيز الحروي قَالَ سمعت مُحَمَّد بْن إدريس الشافعي يَقُول خلفت بالعراق شيئا أحدثته الزنادقة يسمونه التغيير يشغلون به الناس عَنِ القرآن.

قَالَ المصنف رحمه اللَّه: وَقَدْ ذكر أَبُو منصور الأزهري المغيرة قوم يغيرون بذكر اللَّه بدعاء وتضرع وَقَدْ سموا مَا يطربون فيه من الشعر فِي ذكر اللَّه عز وجل تغييرا كأنهم إذا شاهدوها بالألحان طربوا ورقصوا فسموا مغيرة لهذا المعنى وقال الزجاج سموا مغيرين لتزهيدهم الناس فِي الفاني من الدنيا وترغيبهم فِي الآخرة وحَدَّثَنَا هِبَة اللَّهِ بْن أَحْمَدَ الحريري عَنْ أبي الطيب طاهر بْن عَبْدِ اللَّهِ الطَّبَرِيّ قَالَ قَالَ الشافعي الغناء لهو مكروه يشبه الباطل ومن استكثر مِنْهُ فهو سفيه شهادته قَالَ وكان الشافعي يكره التعبير قَالَ الطَّبَرِيّ فقد أجمع علماء الأمصار عَلَى كراهية الغناء والمنع مِنْهُ وإنما فارق الْجَمَاعَة إِبْرَاهِيم بْن سَعْد١ وعبيد اللَّه العنبري وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَلَيْكُمْ بِالسَّوَادِ الأَعْظَمِ فَإِنَّهُ مَنْ شَذَّ شَذَّ فِي النَّارِ" وَقَالَ: " مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً".

قال المصنف: قلت وَقَدْ كان رؤساء أصحاب الشافعي رَضِيَ اللَّهُ عنهم ينكرون السماع وأما قدماؤهم فلا يعرف بينهم خلال وأما أكابر المتأخرين فعلى الإنكار منهم أَبُو الطيب الطَّبَرِيّ وله فِي ذم الغناء والمنع كتاب مصنف حَدَّثَنَا به عنه أَبُو القاسم الحريري ومنهم القاضي أبو


١ في النسخة الثانية: سعيد هنا وفيما تقدم عنه.

<<  <   >  >>