عند نغمة وصوت عند مصيبة والمكروه القضيب لكنه ليس بمطرب فِي نفسه وإنما يطرب بما يتبعه وَهُوَ تابع للقول والقول مكروه ومن أصحابنا من يحرم القضيب كَمَا يحرم آلات اللهو فيكون فيه وجهان كالقول١ نفسه والمباح الدف وَقَدْ ذكرنا عَنْ أَحْمَد أنه قَالَ أرجوا أن لا يكون بالدف بأس فِي العرس ونحوه وأكره الطبل وَقَدْ قَالَ أَبُو حامد من أحب اللَّه وعشقه واشتاق إِلَى لقائه فالسماع فِي حقه مؤكد لعشقه.
قَالَ المصنف رحمه اللَّه: قلت وهذا قبيح أن يقال عَنِ اللَّه عز وجل يعشق وَقَدْ بينا فيما تقدم خطأ هَذَا القول ثم أي توكيد لعشقه فِي قول المغنى:
ذهبي اللون تحسب من ... وجنتيه النار تقتدح
قَالَ المصنف رحمه اللَّه قلت: وسمع ابْن عقيل بعض الصوفية يَقُول أن مشايخ هذه الطائفة كلما وقفت طباعهم حداها الحادي إِلَى اللَّه بالأناشيد فَقَالَ ابْن عقيل لا كرامة لهذا القائل إنما تحدى القلوب بوعد اللَّه فِي القرآن ووعيده وسنة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأن اللَّه سبحانه وتعالى قَالَ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وما قَالَ وإذا أنشدت عَلَيْهِ القصائد طربت فأما تحريك الطباع بالألحان فقاطع عَنِ اللَّه والشعر يتضمن صفة المخلوق والمعشوق مما يتعدد عنه فتنه ومن سولت لَهُ نفسه التقاط العبر من محاسن البشر وحسن الصوت فمفتون بل ينبغي النظر إِلَى المحال التي أحالنا عليها الإبل والخيل والرياح ونحو ذلك فإنها منظورات لا تهيج طبعا بل تورث استعظاما للفاعل وإنما خدعكم الشَّيْطَان فصرتم عُبَيْد شهواتكم ولم تقفوا حتى قلتم هذه الحقيقة وأنتم زنادقة فِي زي عباد شرهين فِي زي زهاد مشبهة تعتقدون أن اللَّه عز وجل يعشق ويهام فيه ويؤلف ويؤنس به وبئس التوهم لأن اللَّه عز وجل خلق الذوات مشاكلة لأن أصولها مشاكلة فهي تتوانس وتتألم بأصولها العنصرية وتراكيبها المثلية فِي الأشكال الحديثة فمن ههنا جاء التلاوم والميل وعشق بعضهم بعضا وعلى قدر التقارب فِي الصورة يتأكد الأنس والواحد منا يأنس بالماء لأن فيه ماء وَهُوَ بالنبات آنس لقربه من الحيوانية بالقوة النمائية وَهُوَ بالحيوان آنس لمشاركته فِي أخص النوع به أَوْ أقربه إليه فأين المشاركة للخالق والمخلوق حتى يحصل الميل إليه