والعشق والشوق وما الذي بين الطين والماء وبين خالق السماء من المناسبة وإنما هؤلاء يصورون الباري سبحانه وتعالى صورة تثبت فِي القلوب وما ذاك اللَّه عز وجل ذاك صنم شكله الطبع وَالشَّيْطَان وليس لله وصف تميل إليه الطباع ولا تشتاق إليه الأنفس وإنما مباينة الإلهية للمحدث أوجبت فِي الأنفس هيبة وحشمة فما يدعيه عشاق الصوفية لله فِي محبة اللَّه إنما هو وهم اعترض وصورة شكلت فِي نفوس فحجبت عَنْ عبادة القديم فتجدد بتلك الصورة أنس فَإِذَا غابت بحكم مَا يقتضيه العقل أقلقهم الشوق إليها فنالهم من الوجد وتحرك الطبع والهيمان مَا ينال الهائم فِي العشق فنعوذ بالله من الهواجس الرديئة والعوارض الطبيعية التي يجب بحكم الشرع محوها عَنِ القلوب كَمَا يجب كسر الأصنام.
فصل: قال المصنف رحمه اللَّه: وَقَدْ كان جماعة من قدماء الصوفية ينكرون على المبتدىء السماع لعلمهم بما يثير من قلبه أَخْبَرَنَا عُمَر بْن ظفر المقري نا جَعْفَر بْن أَحْمَدَ نا عَبْد الْعَزِيز بْن عَلِيٍّ الأزجي ثنا بن جهضم ثني أَبُو عَبْد اللَّهِ المقري ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْن صالح قَالَ قَالَ لي جنيد إذا رأيت المريد يسمع السماع فاعلم أن فيه بقايا من اللعب أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ حبيب نا أَبُو سَعِيد بْن أبي صَادِق نا أَبُو عَبْد اللَّهِ بْن باكويه قَالَ سمعت أحمد بْن مُحَمَّد البردعي يَقُول سمعت أبا الْحُسَيْن النوري يَقُول لبعض أصحابه إذا رأيت المريد يسمع القصائد ويميل إِلَى الرفاهية فلا ترج خيره.
قَالَ المصنف رحمه اللَّه: هَذَا قول مشايخ القوم وإنما ترخص المتأخرون حب اللهو فتعدى شرهم من وجهين أحدهما سوء ظن العوام بقدمائهم لأنهم يظنون أن الكل كانوا هكذا والثاني أنهم جرأوا العوام عَلَى اللعب فليس للعامي حجة فِي لعبه إلا أن يَقُول فلان يفعل كذا ويفعل كذا.
فصل: قال المصنف رحمه اللَّه: وَقَدْ نشب السماع بقلوب خلق منهم فآثروه عَلَى قراءة القرآن ورقت قلوبهم عنده بما لا ترق عند القرآن وما ذاك إلا لتمكن هوى باطن تمكن مِنْهُ وغلبه طبع وهم يظنون غير هَذَا أَخْبَرَنَا أَبُو منصور القزاز نا أَبُو بَكْر الخطيب نا عَبْدُ الكريم بْن هوزان وأنبأنا عَبْدُ المنعم بْن عَبْدِ الكريم ثنا أبي وقال سمعت أبا حاتم مُحَمَّد بْن أحمد بْن يَحْيَى السجستاني قَالَ سمعت أبا نصر السراج يَقُول حكى لي بعض إخواني عَنْ أبي الْحُسَيْن الدراج قَالَ قصدت يوسف بْن الْحُسَيْن الرازي من بغداد فلما دخلت الري سألت عَنْ منزله وكل من