أساله عنه يَقُول إيش تفعل بذلك الزنديق فضيقوا صدري حتى عزمت عَلَى الانصراف فبت تلك الليلة فِي مسجد ثم قلت جئت إِلَى هذه البلدة فلا أقل من زيارته فلم أزل أسأل عنه حتى دفعت إِلَى مسجده وَهُوَ قاعد فِي المحراب بين يديه رجل عَلَى يديه مصحف وَهُوَ يقرأ فدنوت فسلمت فرد السلام وقال من أين قلت من بغداد قصدت زيارة الشيخ فَقَالَ تحسن أن تقول شيئا فقلت نعم وقلت:
رأيتك تبني دائما فِي قطيعتي ... ولو كنت ذا حزم لهدمت مَا تبني
فأطبق المصحف ولم يزل يبكي حتى ابتلت لحيته وثوبه حتى رحمته من كثرة بكائه ثم قَالَ لي يا بني تلوم أهل الري عَلَى قولهم يوسف بْن الْحُسَيْن زنديق ومن وقت الصلاة هوذا أقرأ القرآن لم تقطر من عيني قطرة وَقَدْ قامت علي القيامة بهذا البيت وأنبأنا عَبْد المنعم بْن عَبْدِ الكريم بْن هوازن نا أبي قَالَ سمعت أبا عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي يَقُول فأخرجت إِلَى مرو فِي حياة الأستاذ أبي سهيل الصعلوكي وكان لَهُ قبل خروجي أيام الجمع بالغدوات مجلس درس القرآن والختمات فوجدته عند خروجي قد رفع ذلك المجلس وعقد لابن الفرعاني فِي ذلك الوقت مجلس القوال يعني المغني فتداخلني من ذلك شيء فكنت أقول قد استبدل مجلس الختمات بمجلس القوال فَقَالَ لي يوما أي شيء تقول الناس فقلت يقولون رفع مجلس القرآن ووضع مجلس القوال فَقَالَ من قَالَ لأستاذه لم لم يفلح.
قَالَ المصنف رحمه اللَّه: هذه دعاة الصوفية يقولون الشيخ يسلم لَهُ حاله وما لنا أحد يسلم إليه حاله فَإِن الآدمي يرد عَنْ مراداته بالشرع والعقل والبهائم بالسوط.
فصل: وقد اعتقد قوم من الصوفية أن هَذَا الغناء الذي ذكرنا عَنْ قوم تحريمه وعن آخر كراهته مستحب فِي حق قوم وأنبأنا عَبْدُ المنعم بْن عَبْدِ الكريم بْن هوازن القشيري قَالَ حَدَّثَنَا أبي قَالَ سمعت أبا علي الدقاق يَقُول السماع حرام عَلَى العوام لبقاء نفوسهم مباح الزهاد لحصول مجاهداتهم مستحب لأصحابنا لحياة قلوبهم.
قَالَ المصنف رحمه اللَّه قلت: وهذا غلط من خمسة أوجه أحدها أنا قد ذكرنا عَنْ أبي حامد الغزالي أنه يباح سماعه لكل أحد وأبو حامد كان أعرف من هَذَا القائل والثاني أن طباع النفوس لا تتغير وإنما المجاهدة تكف عملها فمن ادعى تغير الطباع ادعى المحال فَإِذَا جاء مَا