فقال: أمور أمتحنني الله بها فلم أصبر على البلاء فيها ولم يكن لي بها طاقة ورب ذنب يستصغره الانسان هو عند الله أعظم من كبير وحقيق بمن تعرض للنظر الحرام أن تطول به الأسقام ثم بكى قلت ما يبكيك قال أخاف أن يطول في النار شقائي فانصرفت عنه وأنا راحم له لما رأيت به من سوء الحال قال أبو حمزة ونظر محمد بن عبد الله بن الأشعت الدمشقي وكان من خيار عباد الله إلى غلام جميل فغشي عليه فحمل إلى منزله واعتاده السقم حتى أقعد من رجليه وكان لا يقوم عليهما زمانا طويلا فكنا نأتيه نعوده ونسأله عن حاله وأمره وكان لا يخبرنا بقصته ولا سبب مرضه وكان الناس يتحدثون بحديث نظره فبلغ ذلك الغلام فأتاه عائدا فهش إليه وتحرك وضحك في وجهه واستبشر برؤيته فما زال يعوده حتى قام على رجليه وعاد إلى حالته فسأله الغلام يوما أن يسير معه إلى منزله فأبى أن يفعل ذلك فسألني أن أسأله أن يتحول إليه فسألته فأبى أن يفعل فقلت للشيخ وما الذي تكره من ذلك فقال لست بمعصوم من البلاء ولا آمن من الفتنة وأخاف أن يقع علي الشيطان محنة فتجري بيني وبينه معصية فأكون من الخاسرين.
فصل وفيهم من همت نفسه إلى الفاحشة فقتل نفسه حدثني أبو عبد الله الحسين بن محمد الدامغاني قال كان ببلاد فارس صوفي كبير فابتلى بحدث فلم يملك نفسه أن دعته إلى فاحشة فراقب الله ﷿ ثم ندم على هذه الهمة وكان منزله على مكان عال ووراء منزله بحر من الماء فلما أخذته الندامة صعد السطح ورمى نفسه إلى الماء وتلى قوله تعالى: ﴿فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ فغرق في البحر.
قال المصنف ﵀: أنظر إلى إبليس كيف درج هذا المسكين من رؤية هذا الأمرد وإلى إدمان النظر إليه إلى أن مكن المحبة من قلبه إلى أن حرضه على الفاحشة فلما رأى استعصامه حسن له بالجهل قتل نفسه فقتل نفسه ولعله هم بالفاحشة ولم يعزم والهمةمعفو عنها لقوله ﵇: "عفي لأمتي عما حدثت به نفوسها" ثم إنه ندم على همته والندم توبة فأراه إبليس أن من تمام الندم قتل نفسه كما فعل بنو إسرائيل فأولئك أمروا بذلك بقوله تعالى: ﴿فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ ونحن نهينا عنه بقوله تعالى: ﴿وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ فلقد أتى بكبيرة عظيمة وفي الصحيحين عن النبي ﷺ أنه قال من تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا.
فصل: وفيهم من فرق بينه وبين حبيبه فقتل حبيبه بلغني عن بعض الصوفية أنه كان في