رباط عندنا ببغداد ومعه صبي في البيت الذي هو فيه فشنعوا عليه وفرقوا بينهما فدخل الصوفي إلى الصبي ومعه سكين فقتله وجلس عنده يبكي فجاء أهل الرباط فرأوه فسألوه عن الحال فأقر بقتل الصبي فرفعوه إلى صاحب الشرطة فأقر فجاء والد الصبي يبكي فجلس الصوفي يبكي ويقول له بالله عليك إلا ما أقدتني به فقال الآن قد عفوت عنك فقام الصوفي إلى قبر الصبي فجعل يبكي عليه ثم لم يزل يحج عن الصبي ويهدي له الثواب.
فصل ومن هؤلاء من قارب الفتنة فوقع فيها ولم تنفعه دعوى الصبر والمجاهدة والحديث بإسناد عن إدريس بن إدريس قال حضرت بمصر قوما من الصوفية ولهم غلام أمرد يغنيهم قال فغلب على رجل منهم أمره فلم يدر ما يصنع فقال يا هذا قل لا إله إلا الله فقال الغلام لا إله إلا الله فقال أقبل الفم الذي قال لا إله إلا الله القسم السادس قوم لم يقصدوا صحبة المردان وإنما يتوب الصبي ويتزهد ويصحبهم على طريق الإرادة فلبس إبليس عليهم ويقول لا تمنعوه من الخير ثم يتكرر نظرهم إليه لا عن قصد فيثير في القلب الفتنة إلى أن ينال الشيطان منهم قدر ما يمكنه وربما وثقوا بدينهم فاستفزهم الشيطان فرماهم إلى أقصى المعاصي كما فعل ببرصيصا.
قال المصنف ﵀: وقد ذكرنا قصته في أول الكتاب وغلطهم من جهة تعرضهم بالفتن وصحبة من لا يؤمن الفتنة في صحبته.
القسم السابع قوم علموا أن صحبة المردان والنظر إليهم لا يجوز غير أنهم لم يصبروا عن ذلك والحديث بإسناد عن الرازي يقول قال يوسف بن الحسين كل ما رأيتموني أفعله فأفعلوه إلا صحبة الأحداث فإنها أفتن الفتن ولقد عاهدت ربي أكثر من مائة مرة أن لا أصحب حدثا ففسخها علي حسن الحدود وقوام القدود وغنج العيون وما سألني الله معهم عن معصية وأنشد صريع الغواني في معنى ذلك شعرا:
إن ورد الخدود والحدق النجل … وما في الثغور من أقحوان
واعوجاج الأصداع في ظاهر الخد … وما في الصدور من رمان
تركتني بين الغواني صريعا … فلهذا أدعى صريع الغواني
قال المصنف ﵀: قلت هذا الرجل قد فضح نفسه في شيء ستره الله عليه وأخبر أنه كلما رأى فتنة نقض التوبة فأين عزائم التصوف في حمل النفس على المشاق ثم ظن بجهله أن