للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كنت أنظر فِي حكايات الصوفية فصعدت يوما السطح فسمعت قائلا يقول وهو يتولى الصالحين فالتفت فلم أر شيئا فطرحت نفسي من السطح فوقفت فِي الهواء.

قال المصنف رحمه اللَّه هَذَا كذب محال لا يشك فيه عاقل فلو قدرنا صحته فَإِن طرح نفسه من السطح حرام وظنه أن اللَّه يتولى من فعل المنهى عنه فقد قَالَ تعالى: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} فكيف يكون صالحا وَهُوَ يخالف ربه وعلى تقدير ذلك فمن أخبره أنه منهم وَقَدْ تقدم قول عِيسَى صلوات اللَّه عَلَيْهِ للشيطان لما قَالَ لَهُ ألق نفسك قَالَ إن اللَّه يختبر عباده وليس للعبد أن يختبر ربه.

فصل وقد اندس فِي الصوفية أقوام وتشبهوا بهم وشطحوا فِي الكرامات وادعائها وأظهروا للعوام مخاريق صادوا بِهَا قلوبهم وَقَدْ روينا عَنْ الحلاج أنه كان يدفن شيئا من الخبز والشواء والحلوى فِي موضع من البرية ويطلع بعض أصحابه عَلَى ذلك فَإِذَا أصبح قَالَ لأصحابه إن رأيتم أن نخرج عَلَى وجه السياحة فيقوم ويمشي والناس معه فَإِذَا جاءوا إِلَى ذلك المكان قَالَ لَهُ صاحبه الذي أطلعه عَلَى ذلك نشتهي الآن كذا وكذا فيتركهم الحلاج وينزوي عنهم إِلَى ذلك المكان فيصلي ركعتين ويأتيهم بذلك وكان يمد يده إِلَى الهواء ويطرح الذهب فِي أيدي الناس ويمخرق وَقَدْ قَالَ لَهُ بعض الحاضرين يوما هذه الدراهم معروفة ولكن أؤمن بك إذا أعطيتني درهما عَلَيْهِ اسمك واسم أبيك وما زال يمخرق إِلَى وقت صلبه.

حَدَّثَنَا أَبُو منصور القزاز قَالَ نا أَبُو بَكْرِ بْنُ ثابت نا عَبْد اللَّهِ بْن أحمد ابْن عمار الصيرفي ثنا أَبُو عمرو بْن حيوة قَالَ لما أخرج حسين الحلاج للقتل مضيت فِي جملة الناس فلم أزل أزاحم حتى رأيته فَقَالَ لأصحابه لا يهولنكم هَذَا فإني عائد إليكم بعد ثلاثين يوما وكان اعتقاد الحلاج اعتقادا قبيحا وَقَدْ بينا فِي أول هَذَا الْكِتَاب شيئا من اعتقاده وتخليطه وبينا أنه قتل بفتوى فقهاء عصره وَقَدْ كان من المتأخرين من يطلي بدهن الطلق ويقعد فِي التنور ويظهر أن هَذَا كرامة قال ابْن عقيل وكان ابْن الشباس وأبوه قبله لهم طيور سوابق وأصدقاء فِي جميع البلاد فينزل بهم قوم فيرفع طائرا فِي الحال إِلَى قريتهم يخبر بخبر من لَهُ هناك بنزولهم ويستعمله من أحوالهم وما تجدد هناك بعدهم قبل أن يجتمع عليهم ويستعلم حالهم فيكتب ذلك إليه الجواب ثم يجتمع بهم فيخبرهم بتلك الحوادث ويحدثهم بأحوالهم حديث من هو معهم ومعاشرهم فِي بلادهم ثم يحدثهم بما تجدد بعدهم وفي يومه ذلك فيقول الساعة تجدد كذا وكذا فيدهشون ويرجعون إِلَى

<<  <   >  >>