للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم ضربها ففلق رأسها فإذا هي حممة (١) ثم عضد الشجرة وقتل ديبة السادن ثم أتى النبي فأخبره فقال تلك العزى ولا عزى بعدها للعرب.

قال هشام وكان لقريش أصنام في جوف الكعبة وحولها وأعظمها عندهم هبل وكان فيما بلغني من عقيق أحمر على صورة الإنسان مكسور اليد اليمنى أدركته قريش كذلك فجعلوا له يدا من ذهب وكان أول من نصبه خذيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر وكان في جوف الكعبة وكان قدامه سبعة أقدح مكتوب في أحدها صريح وفي الآخر ملصق فإذا شكو في مولود أهدوا له هدية ثم ضربوا بالقدح فإن خرج صريح ألحقوه وإن خرج ملصقا فدفعوه وكانوا إذا اختصموا في أمر أو أرادوا سفرا أو عملا أتوه فاستقسموا بالقداح عنده وهو الذي قال له أبو سفيان يوم أحد أعل هبل أي علا دينك فقال رسول الله لأصحابه: "ألا تجيبونه" فقالوا وما نقول قال: "قولوا الله أعلى وأجل" وكان لهم أساف ونائلة قال هشام فحدث الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أن أساف رجل من جرهم يقال له أساف بن يعلى ونائلة بنت زيد من جرهم وكان يتعشقها في أرض اليمن فأقبلا حجاجا فدخلا البيت فوجدا غفلة من الناس وخلوة من البيت ففجر بها في البيت فمسخا فأصبحوا فوجدوهما ممسوخين فأخرجوهما فوضعوهما موضعهما فعبدته خزاعة وقريش ومن حج البيت بعد من العرب قال هشام لما مسخا حجرين وضعا عند البيت ليقظ الناس بهما فلما طال مكثهما وعبدت الأصنام عبدا معها وكان أحدهما ملصقا بالكعبة والآخر في موضع زمزم فنقلت قريش الذي كان ملصقا بالكعبة إلى الآخر فكانوا ينحرون ويذبحون عندهما.

وكان من تلك الأصنام ذو الخلصة وكان مروة (٢) بيضاء منقوشة عليها كهيئة التاج وكانت بتبالة بين مكة (٣) والمدينة على مسيرة سبع ليال من مكة وكانت تعظمها وتهدي لها خثعم وبجيلة فقال رسول الله لجرير : "ألا تكفني ذا الخلصة" فوجهه إليه فسار بأحمس فقابلته خعثم وباهلة فظفر بهم وهدم بنيان ذي الخلصة وأضرم فيه النار وذو الخلصة اليوم عتبة باب مسجد تبالة.


(١) الحممة بضم الحاء وفتح الميمين جمعها حمم الرماد وكل ما اخترق من النار.
(٢) المروة حجارة براقة تقدح منها النار جمعها مرو.
(٣) وفي نسخة اليمن: قال ابن الأثير في النهاية تبالة بفتح التاء وتخفيف الباء بلد باليمن معروف.

<<  <   >  >>