للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن اللَّه عز وجل يجوز أن يمس ويلمس فيقال لَهُ فيجوز عَلَى قولكم أن يمس ويلمس ويعانق وقال بعضهم أنه جسم هو فضاء والأجسام كلها فيه وكان بيان بْن سمعان يزعم أن معبوده نور كله وأنه عَلَى صورة رجل وأنه يهلك جميع أعضائه إلا وجهه فقتله خالد بْن عَبْدِ اللَّهِ وكان المغيرة بْن سَعْد العجلي يزعم أن معبوده رجل من نور عَلَى رأسه تاج من نور وله أعضاء وقلب تنبع مِنْهُ الحكمة وأعضاؤه عَلَى صورة حروف الهجاء.

وكان هَذَا يَقُول بإمامة مُحَمَّد بْن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْن الْحَسَن وكان زرارة ابْن أعين يَقُول لم يكن الباري قادرا حيا عالما فِي الأزل حتى خلق لنفسه هذه الصفات تعالى اللَّه عَنْ ذلك وقال داود الحوارى هو جسم لحم ودم وله جوارح وأعضاء وَهُوَ أجوف من فمه إِلَى صدره ومصمت مَا سوى ذلك ومن الواقفين مَعَ الحس أقوام قالوا هو عَلَى العرش بذاته عَلَى وجه المماسة فَإِذَا نزل انتقل وتحرك وجعلوا لذاته نهاية وهؤلاء قد أوجبوا عَلَيْهِ المساحة والمقدار واستدلوا عَلَى أنه عَلَى العرش بذاته بقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ينزل اللَّه إِلَى سماء الدنيا" قالوا ولا ينزل إلا من هو فوق وهؤلاء حملوا نزوله عَلَى الأمر الحسي الذي يوصف به الأجسام وهؤلاء المشبهة الذين حملوا الصفات عَلَى مقتضى الحس وَقَدْ ذكرنا جمهور كلامهم فِي كتابنا المسمى بمنهاج الوصول إِلَى علم الأصول وربما تخيل بعض المشبهة فِي رؤية الحق يوم القيامة لما يراه فِي الأشخاص فيمثله شخصا يَزِيد حسنه عَلَى كل حسن فتراه يتنفس من الشقوق إليه ويمثل الزيادة فيزداد توقع ويتصور رفع الحجاب فيقلق ويتذكر الرؤية فيغشى عَلَيْهِ ويسمع فِي الحديث أنه يدني عبده المؤمن إليه فيخايل القرب الذاتي كَمَا يجالس الجنس وهذا كله جهل بالموصوف ومن الناس من يَقُول لله وجه هو صفة زائدة عَلَى صفة ذاته لقوله عز وجل: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} وله يد وله أصبع لقول رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يضع السموات عَلَى أصبع" وله قدم إِلَى غير ذلك مما تضمنته الأخبار وهذا كله إنما استخرجوه من مفهوم الحس وإنما الصواب قراءة الآيات والأحاديث من غير تفسير ولا كلام فيها وما يؤمن هؤلاء أن يكون المراد بالوجه الذات لا أنه صفة زائدة وعلى هَذَا فسر الآية المحققون فقالوا ويبقى ربك وقالوا فِي قوله يُرِيدُونَ وجهه يريدونه وما يؤمنهم أن يكون أراد بقوله قلوب العباد بين إصبعين أن الأصبع لما كانت هي المقبلة للشيء وأن مَا بين الإصبعين يتصرف فيه صاحبها كيف شاء ذكر ذلك لا أن ثم صفة زائدة.

قال المصنف: والذي أراه السكوت عَلَى هَذَا التفسير أيضا إلا أنه يجوز أن يكون مرادا ولا يجوز أن يكون ثم ذات تقبل التجزىء والانقسام ومن أعجب أحوال الظاهرية قول السالمية أن

<<  <   >  >>