أم أنما - من مرض أصاب رأسها، فكانت تعوي مثل الكلب - من عقاب الله لها - فقيل لها، اكتوي، فكانت تأمر عبدها خبابا بأخذ الحديدة المحماة فيكوى بها رأسها.
ما شاء الله كان، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فكان الجزاء الإلهي السريع من جنس العمل، وكان سريعا لكن مع وجود الفارق، كانت سيدته تعذبه بالنار ولا يستطيع أن يمتنع منها لأنها مالكته وسيدته، فبدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم نزل عليها قضاء من لا يخفى عليه شيء، سبحانك ما أعدلك يا رب العالمين، هذه هي محكمة العدل الإلهي، لا يفر منها ظالم مهما كان فأصابها وجع برأسها، فاضطرت إلى أن تطلب من عبدها خباب أن يكويها بالنار، إذ لعلها تجد في الكي راحة، فيكف عنها وجعها، كما كانت هي تكويه بالنار عقابا له على إيمانه واتباعه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتبارك الله أعدل الحاكمين وناصر المظلومين.
قال الشعبي: سأل عمر بن الخطاب خبابا رضي الله عنهما عما لقي من المشركين؟ فقال: يا أمير المؤمنين أنظر إلى ظهري، فكشف له عن ظهره فلما رآه عمر قال: ما رأيت كاليوم ظهر رجل، وذلك لما رآى فيه من أثار الإحراق بالنار، من أجل عقيدته وتصديقه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وإيمانه به واتباعه لشرع الله وتركه لعبادة الأوثان، فقال خباب لما دهش عمر من أثر الحريق: لقد أوقدت لي نار وسحبت عليها فما أطفأها إلا ودك ظهري.