أهلهم وجيرانهم، سواء في داخل تراب وطنهم أو في خارجه وينزلون بين أبعد الناس عنهم نسبا أو دارا ولا يجدون بين أهلهم وجيرانهم ما يجدونه خارجهما فهذه المعاملة إحدى سنن خلق الله في عباده، من القديم إلى الآن، فلا عتاب ولا ملامة فيما جرت به السنن الإلهية، وما ذكرت هذا إلا للعبرة والاعتبار.
[الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وحلف الصحيفة]
لما شاهد مشركو قريش فشو الإسلام وسرعة انتشاره كما شاهدوا أن قوتهم وتعذيبهم لضعفاء المسلمين لم تجدهم نفعا، بل ما زاد الإسلام إلا انتشارا بين الناس فلما رأوا هذا عمدوا إلى مقاطعة آل الرسول صلى الله عليه وسلم من بنى هاشم وبني عبد الطلب بني عبد مناف واتفقوا على مقاطعتهم، بأن لا يتعاملوا معهم كما أجمعوا أمرهم على أن لا يجالسوهم ولا يبايعوهم ولا يكلموهم ولا يدخلوا بيوتهم ولا يتزاوجوا معهم حتى يسلموا لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقتلوه، وكتبوا بهذا صحيفة ذكروا في صلبها هذا وأكدوا ذلك بالعهود والمواثيق، على أن لا يقبلوا من بني هاشم صلحا أبدا، ولا تأخذهم فيهم رأفة حتى يسلموا لهم رسول الله للقتل.
وتم لهم هذا بمحاصرتهم لبني هاشم في شعب أبى طالب - الشعب بكسر الشين شق في الجبل يشبه المخبأ - فلبث بنو هاشم في الشعب، ومعهم رسول الله صلى الله