ذكر ابن الأثير في كتابه ((أسد الغابة)) نقلا عن محمد بن سيرين فقال: (مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعمار بن ياسر وهو يبكي يدلك عينيه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: مالك؟ أخذك الكفار فغطوك في الماء - وفي رواية في النار - فقلت كذا وكذا، فإن عادوا لك فقل كما قلت؟) وهو يقصد من هذا أن الكفار ألزموه بسب الرسول وشتمه، والنطق بكلمات الشرك، إذ لا حرج على من أكره على ذلك.
وقال ابن الأثير أيضا عن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس رضي الله عنهم: أكان المشركون يبلغون من المسلمين في العذاب ما يعذرون به في ترك دينهم؟؟ فقال: نعم، والله إن كانوا ليضربون أحدهم ويجيعونه ويعطشونه حتى ما يقدر على أن يستوي جالسا من شدة الضر الذي به، حتى أنه ليعطيهم ما سألوه من الفتنة، وحتى يقولوا له، اللات والعزى إلهك من دون الله، فيقول: نعم، وحتى أن ((الجعل)) - نوع من الخنافس- ليمر بهم فيقولون له: هذا إلهك من دون الله؟ فيقول نعم، افتداء منهم لما يبلغون من جهد.
هذا هو الصحابي الجليل عمار بن ياسر وبعض ما أصابه من مشركي قريش وهو مخزومي من بني مخزوم، وقد هاجر إلى الحبشة فيمن هاجر من الصحابة حين اشتد عليهم المشركون في التعذيب، وشهد بيعة