يحسبون للإسلام والرسول حسابهما وتبدل ميزان القوة فرجحت كفة الإسلام، وخفت كفة الشرك والأوثان - وأوهنهم ذلك النصر المبين - وعندما خفت كفة الشرك والمشركين، وحق لميزان الكفر والضلال أن يخف، خف آذاهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وصار المسلمون بعد هذين الحدثين الهامين يعلنون إسلامهم جهارا وأمام المشركين، بعد أن كانوا يخفون شعائر دينهم حذرا من عدوان قريش عليهم، وذلك مثل الصلاة وتلاوة القرآن وغيرهما من التجمعات لفائدة الدعوة والتبليغ، فصار كل هذا، يقع أمام المشركين، فيزيدهم هذا غيظا وتحرقا وحنقا على الإسلام والمسلمين، وعجزا عن محاربته، والتعرض لأنصاره، وهذا من عوامل القوة، إذ الناس لا يلتفتون للحق إلا إذا كانت معه قوة تعزز جانبه، وإلا تكن له قوة فلا يخضع له أحد، إلا إذا كان من أهل الفكر والإدراك.
[يأس كفار قريش من صده عن تبليغ دعوته]
حاولت قريش - كما مر - بكل ما تملكه من وسائل الترهيب والضغوط على أن تصد رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وجهته التي وجهه ربه إليها فلم تستطع، وباءت بالفشل والخسارة، ولما لم تحصل على شيء منه، حولت الطريق إلى ما ترى فيه أملا ونفعا لشركها وأوثانها، فاتخذت سبيل الترغيب بدل الترهيب، وشرعت تلوح له بما تشتهيه النفس الدنيئة لا الشريفة