للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن النفس الشريفة، لا تترك مبدأها التي عرفت به وتتخلى عنه إلى شيء يعطل أو يمحو مبدأها ذاك، فقد ذكر كتاب السيرة النبوية أن مشركي قريش توجهوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن لم ينجحوا في صده بالقوة، إلى وسيلة الترغيب والتلويح بما تشتهيه النفس الضعيفة التي لم تستكمل إيمانها بعد.

فقد لوحت له بالمال والملك والسيادة وغيرها حسبما جاء في مصادر السيرة النبوية الشريفة، إلا أن صاحب العقيدة الصحيحة الذي يؤمن بعقيدته وحقها في الظهور والدوام والبقام والسيادة، لا يتساهل فيها أو يقبل بالتخلي عنها أو أخذ الرشوة عنها فعقيدته لا تباع ولا تشترى بل ولا تقع فيها المساومة أبدا وبأي صفة كان ذلك، فقد ذكر ابنا هشام وكثير وغيرهما من أصحاب السيرة النبوية ما عرضه مشركو قريش على محمد صلى الله عليه وسلم من المرغبات في مقابل التخلي عن دعوته، فرفض كل ذلك وتمسك بعقيدته في إباء وعزة وكرامة حتى لا يقال أن محمدا تنازل عن دعوته لفائدة أو لأخرى، وبهذا مهد الرسول صلى الله عليه وسلم لدعاة أمته الطريق كي يجدوها ممهدة فيسيروا عليها إذ ما عليهم بعد مواقفه إلا أن يسلكوها مطمئنين ثابثين موقنين بالنجاح إذا أخلصوا في أعمالهم، غير خوارين ولا مذبذبين، اتباعا لسنة رسولهم محمد صلى الله عليه وسلم

<<  <   >  >>