إن حياة العالم العامل بعلمه موزعة بين تعليم العلم وبثه في أوساط أمته والراغبين فيه وبين تأليف الكتب لفائدة الخلق أجمعين وتصنيفها ونشر العلم بواسطتها، وكل هذا من واجبات العلماء العاملين بعلمهم ولكن أيهما أولى بالتقديم والعناية؟ هل نشر العلم وتصحيح العقيدة بواسطة التعليم للناس أهم وأولى بالاهتمام والتقديم؟ أو نشرهما بواسطة تأليف الكتب وتصنيفها؟ فمال بعض المفكرين من العلماء إلى الاهتمام بالتعليم ونشره بين الراغبين فيه وإعدادهم لقراءة الكتب التي تؤلف بينما مال البعض الآخر إلى نشره وتعميمه بواسطة تصنيف الكتب وتأليفها ليستفيد منها المعاصر وغيره إذ هي لمن حضر وعاصر مؤلفها ولمن سيأتي من بعد فهي بهدا الاعتبار من أهم ما يتركه الأولون للآخرين من التراث الغالي، كما هو الشأن فيما تركه لنا أسلافنا الأماجد، فقد استفدنا منها فوائد عظيمة لا تقوم بقيمة، إذ حفظت لنا لغتنا وديننا وعقيدتنا وأخلاقنا وتاريخنا وأدبنا وغير ما ذكر، ولولا ما تركه لنا أولئك الأسلاف العاملون بالرغم من