جاء في الأخبار أن حذيفة قال لسلمان: ألا نبني لك بيتا؟ قال له سلمان: لم؟ لتجعلني ملكا وتجعل لي دارا مثل بيتك الذي بالمدائن؟ قال: لا، ولكن نبني لك بيتا من قصب، ونسقفه بالبردى، إذا قمت كاد أن يصيب رأسك، وإذا نمت كاد أن يصيب طرفيك، قال: فكأنك كنت في نفسي.
وكان عطاء سلمان - وهو ما يأخذه من بيت المال - خمسة آلاف، فإذا خرج عطاؤه فرقه في الفقراء والمساكين، وأكل من كسب يده، وكان يسف الخوص - أي ينسجه - ليجعل منه المكاتل وغيرها.
وهو الذي أشار على الرسول صلى الله عليه وسلم بحفر الخندق، حول المدينة المنورة حين تحزبت عليه الأحزاب وهم (كفار قريش، والمنافقون، واليهود) الذين أتوا لغزو المدينة سنة أر بع من الهجرة، وعمل فيه الرسول صلى الله عليه وسلم بنفسه، بعد أن عمل بإشارة سلمان عليه بحفره، وقد شارك أصحابه في العمل، كما هو مذكور في محله، فكان الخندق واقيا للمدينة من زحف الأحزاب عليها، وبه سلمت من هجوم الأحزاب عليها بقواتهم الوافرة، وعددهم الضخم إذا قيس بقوة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وهي مكيدة حربية غير معروفة عند العرب في ذلك الزمان، فإلى سلمان يرجع فضل سلامة المدينة من فساد