توجه خليل الرحمن بفكره الصافي إلى البحث عن المعبود بالحق كي يحق له أن يعبده ويتوجه إليه في طلبه لقضاء ما قد يعسر عليه من شؤون حياته كما يرجوه لآخرته وليقيم الدليل للناس على ضلال ما هم عليه وبطلان عبادتهم لغيره تعالى وهو القادر على كل شيء فعبادة الإله القادر العالم الذي لا يخفى عليه شيء وإن دق، هي العبادة الصحيحة إذا كانت خالصة له وحده من كل إشراك لغيره معه، فهو وحده يعبد لأنه أحق بها من غيره، فهو لا ينام، ولا يغيب، ولا يتغير وهكذا تدرج بفكره وارتقى بعقله إلى أن وصل في بحثه إلى الغاية المطلوبة من العباد وهي الوصول إلى إدراك الحقيقة كي يبنوا عليها حياتهم هذا ما رأيناه في الآيات السابقة من سورة الأنعام وما نراه الآن في الآيات الآتية من سورة مريم عليه السلام وذلك حين قال لأبيه حسبما نطق به القرآن (واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا ((٤١)) إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا ((١٤٢)) يا أبتي إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك