وألزم نفسه - وهي كارهة لها - بأدائها دخل الجنة ومن غلبته شهوات نفسه - وذلك ما تحبه النفس الأمارة بالسوء - وأطاعها وعصى ربه، قادته طاعته لنفسه باتباع شهواتها إلى جهنم، فالسور الذي أحيطت به الجنة هو ما تكرهه النفوس وما هو ثقيل عليها، والسور الذي أحيطت به النار هو اتباع شهوات النفس وهو خفيف عليها فتخطي سور الجنة للدخول إليها لا يكون إلا بما تكرهه النفس، كما أن فعل كل ما تشتهيه النفس وما هو خفيف عليها يدخل إلى النار، هذا معنى الحديثين الشريفتين والتوفيق من الله تعالى.
فكلا الصحابيين رضي الله عنهما نظر إلى ما ناله المسلمون من متاع الدنيا بعد أن كانوا محرومين منه، فخافا أن مكون هذا تعجيلا من الله لهم ثوابهم الذي أعطاهم لهم جزاء أعمالهم التي قدموها في الحياة الدنيا ليجدوا ثوابها في الآخرة، فإن كل واحد منهما خاف أن يكون قد تعجل في الدنيا - أجر طاعته لله - كالجهاد في سبيل الله - مثلا - ولا يكون له نصيب منه في الآخرة فكان عمر يقول: أخشى أن يقول الله لنا كما يقول للكافرين: ((أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون)) سورة الأحقاف الآية ٢٠.
وعندما مرض خباب مرضه الشديد وطال به واكتوى سبع كيات، وعاده بعض إخوانه قال لهم: لولا أني