فقد فقد - زيادة عما ذكر - حريته الشخصية من أجل ذلك، إلى أن أعادها إليه الإسلام، ولم يخف الله فيه من صحبه من وطنه ذلك إلى أرض العرب، فاسترقه واستعبده، وهو حر ابن أحرار على ما كان سائدا في ذلك الزمان المظلم بظلام الجاهلية الأولى، وباعه من التجأ إليه في مسيرته تلك لليهود أعداء الله والحرية وعباد المادة والمال، وهم أشرار خلق الله، وتاريخ الإنسانية عامر بمآسيهم المحزنة، ومآمراتهم الخسيسة، وفسادهم في الأرض، قلنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر سلمان بتحرير رقبته - بالمكاتبة - ونزع قيد الذل والعبودية عنه، فقال له الحبيب محب الحرية والتحرر كما أخبر سلمان نفسه، قال ناداني رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لي:(كاتب يا سلمان عن نفسك). قال سلمان: فلم أزل بصاحبي - يعني مالكه اليهودي - أسأله وأطلب منه المكاتبة، حتى كاتبني على أن أغرس له ثلاثمائة وقيل خمسمائة (ودية) - صغار النخل - - فسيلة - وهي الجبارة أو الزمرة كما يسميها عندنا في الجزائر أهل غراسة النخيل لا زراعة النخيل فالنخيل تغرس ولا تزرع، مضافا إلى الثلاثمائة ((ودية)) أربعين أوقية من الذهب، على هذا المبلغ من الذهب والغراسة المذكورة تم الاتفاق بين سلمان ومالكه اليهودي، وهو مبلغ باهظ يطلب من رجل فقير لا مال عنده، وغريب عن هذه الديار ولا أهل له يعينونه على أداء ما أبرم بينه وبين اليهودي وهو من جنس الذين