وتلك الغاية التي هام بها ومن أجلها، هي الوصول إلى الشرب من معين الدين الحق الذي دله عليه الراهب النصراني المسيحي، الذي لازمه مدة لأخذ الدين عنه، فاستجاب سلمان لنداء ضميره وما تصبو نفسه إليه، لذا - وحده - فارق أسرته التي نشأ بين أحضانها، وترك ذلك العطف والمحبة والحنان الذي كان يحبوه به أبوه، كما أخبر به هو نفسه، فارق ذلك كله بحثا عن الحقيقة، وقد ساقه الله إلى قوم فيهم المحسن والمسيء، حتى بيع على أنه عبد مملوك، والواقع أنه حر، إلى أن بلغ مراده، واستقر في - يثرب - مدينة الرسول قبل أن يهاجر إليها، فسبقه سلمان، وهذا من علامات السعادة التي أنعم الخالق بها على هذا المسلم والمؤمن الصادق الذي تعلق قلبه الرسول صلى الله عليه وسلم حسبما وصفه له آخر من صحبه من رهبان النصارى، وعاش صحبة الرسول الكريم، وقد أحبه وقربه إليه وحباه من فضله وبره، وقديما قيل (لا يعرف الفضل إلا ذووه) وقيل أيضا في القديم:
فألقت عصاها واستقر بها النوى...كما قر عينا بالإياب المسافر
ومما جاء في الثناء عليه ما أخرجه الإمام الترمذي في جامعه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية يوما: ((وإن تتولوا