الله عليه وسلم، إذ نزلت عليه سورة الجمعة، فلما قرأ ((وآخرين منهم لما يلحقوا بهم)). قال رجل من هؤلاء يا رسول الله؟ فلم يراجعه النبي صلى الله عليه وسلم حتى سأل مرتين أو ثلاثا، قال: وفينا سلمان الفارسي، قال فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده على سلمان ثم قال:(لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجال من هؤلاء).
بينت هذه الأحاديث الشريفة فضل سلمان الفارسي وفضل الشعب الذي ينتسب إليه، إنه شعب يحب الدين والإيمان، ويكثر من البحث والاستقصام للحقائق، ولا يكتفي بالقشور الفارغة دون اللب العامر بالفوائد والخيرات.
قد عرفنا السبيل الذي سلكه سلمان الفارسي، وهو سبيل شاق وطويل، للوصول إلى حقيقة الدين الصحيح، والمصاعب التي كابدها واعترضت سبيله في رحلته الطويلة، فقد تنقل في حياته الدينية بين المجوسية - دين آبائه - والمسيحية التي فضلها أولا على المجوسية والتي عاشها سنوات بحثه عن الدين الحق، وتنقل من أجلها فيما بين الشام والعراق، إلى أن وصل إلى الغاية من تلك الرحلة الشاقة والطويلة في الزمان والمكان، وليس هذا بالأمر السهل على كل أحد، لو لم يكن له الصدق في الطلب، والعزم في السعي، والهمة العالية،