للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وروَى الطبرانِي بإسنادِه عن أبي مَرْيم (١) الكندِيِّ، عن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه سُئِلَ: أيُّ شيءٍ كانَ أوَّل مِنْ أَمْرِ نُبوَّتِكَ؟ قال: "أَخَذَ الله مِنِّي المِيثاقَ كما أَخَذَ مِنَ النَّبِيِّينَ ميثاقَهُم"، وتلا: {[وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ] وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ} (٢) الآية، وبشرَى المسيح بن مريم. ورأَتْ أمُّ رَسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في مَنَامِها أنَّه خَرَجَ من بين يَدَيْها سِراجٌ أضاءَتْ لها منهُ قُصُورُ الشَّام. ثم قال: "ووراء (٣) ذلك" (٤). مرتين (٥) أو ثلاثًا. وإِنْ أريدَ بها رؤيا (٦) عَينٍ، كما قَال ابنُ عبَّاس في قَولِ الله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} (٧): إنها رؤيا عَينٍ أُرِيها النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ليلةَ أُسْرِيَ بِهِ، فقد رُوي أنَّ آمنة (٨) رأَتْ ذلكَ عندَ وِلادةِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -.

قال ابنُ إسحاق (٩): كانت آمنةُ بنتُ وَهْب تُحدِّثُ أنَّها أُتيَتْ حينَ حَمَلَتْ برسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فقيلَ لها: إنَّكِ حَمَلْتِ بسيِّدِ هذه الأُمَّةِ، فإذَا وَقَعَ إلى (١٠) الأرض فقُولي: أُعيذُهُ بالواحدِ من شَرِّ كُلِّ حاسد - وآيةُ ذلك أن يخرُجَ معهُ نورٌ يملأُ قُصُورَ بُصْرَى من أرضِ الشَّامِ - فإذا وَقَعَ فسمِّيهِ (١١) محمَّدًا، فإنَّ اسْمَهُ في التوراةِ أحمدُ، يحمَدُه أهلُ السَّماءِ وأهلُ الأرضِ، واسْمُهُ فِي الإِنجيلِ أحمدُ، يحمَدُهُ أهلُ السَّماءِ وأهلُ الأرض؛ واسْمُهُ في القرآن محمَّدٌ.

وذَكَرَ ابنُ سَعْدٍ (١٢)، عن الواقِدِيِّ بأسانِيدَ له متعددة، أن آمنةَ بنتَ وَهْبٍ قالَتْ: لَقَد عَلِقْتُ به (١٣) - تعني النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فما وَجَدْتُ له مشقَّةً حتَّى وضعْتُه، فلمَّا فُصِلَ منِّي خَرَجَ معه نورٌ أضاءَ له ما بينَ المشرقِ إلى المَغرب، ثم وَقَعَ إلى الأرض معتمِدًا على يَدَيْهِ، ثمَّ أَخَذَ قَبْضَةً مِن التُّراب فَقَبَضَها ورَفعَ رأسَهُ إلى السَّماءِ. وفي حديثِ بعضهِم:


(١) في آ، ش، ع: "أبي مُرَّة". ولعله أبو مريم الكندي، ذكره البغوي ولم يخرج له شيئًا، وذكره ابن السكن في الصحابة. وقال أبو أحمد الحاكم: له صحبة وحديثه في أهل الشام. (الإصابة برقم ١٠٤٣).
(٢) سورة الأحزاب، الآية ٧.
(٣) في آ: "ورؤيا"، وهو تحريف.
(٤) ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" ٨/ ٢٢٤ وقال: رواه الطبراني ورجاله وثقوا. وما بين حاصرتين في الحديث مستدرك منه وقد تقدم.
(٥) في ب، ط: "قريتين".
(٦) في ب، ش، ع، ط: "رؤية".
(٧) سورة الإسراء، الآية ٦٠.
(٨) في ط: "أمه".
(٩) انظر: "السيرة النبوية" ١/ ١٥٧ - ١٥٨.
(١٠) في آ: "على".
(١١) في آ: "سميه".
(١٢) في "الطبقات" ١/ ٩٨.
(١٣) عَلِقْتُ به: حَمَلْت به.

<<  <   >  >>