للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عائشة أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لم يَصُمْ بعدَ رمضانَ إلا رجبًا وشعبانَ؛ ويوسفُ ضعيف جدًّا. وروى أبو يوسف القاضي (١)، عن ابن (٢) أبي ليلَى، عن أخيه عيسى، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى (٣)، عن عائشة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصومُ مِن كُلِّ شهرٍ ثلاثةَ أيامٍ، وربَّما أخر ذلك حتى يَقْضيَه في رجب وشعبان.

ورواه عمرو بنُ أبي قيسٍ، عن ابن أبي ليلى، فلم يذكر فيه رجبًا، وهو أصح.

وأما الزكاة: فقد اعتادَ أهلُ هذه البلادِ إخراجَ الزكاةِ في شهرِ رجب، ولا أصلَ لذلك في السنةِ، ولا عُرِفَ عن أحدٍ من السَّلَفِ. ولكن رُوِي عن عثمان أنه خطَبَ الناسَ على المنبرِ، فقال: إن هذا شهرُ زكاتِكم، فمن كان عليه دَيْن فليؤدِّ دَينَهُ وليزكِّ ما بَقي. خرجه مالك في "الموطأ" (٤).

وقد قيل: إن ذلك الشهر الذي كانوا يُخرجون فيه زكاتَهم نُسِيَ ولم يُعرَفْ.

وقيل: بل كان شهرَ المحرم؛ لأنَّه رأسُ الحَوْلِ.

وقد ذكر الفقهاءُ من أصحابنا وغيرِهم أن الإمامَ يبْعَثُ سُعَاتَهُ لأخْذ الزكاةِ في المحرّم. وقيل: بل كان شهر رمضانَ؛ لفضلِهِ وفضلِ الصَّدَقةِ فيه.

وبكُل حالٍ فإنما تجبُ الزَّكاةُ إذا تَمَّ الحولُ على النِّصاب، فكلُّ أحدٍ له حَوْل يخُصُّه بحسبِ وقتِ ملكِه للنصابِ، فإذا تم حولُه وجَبَ عليه إخراجُ زكاتِه في أيِّ شهرٍ


(١) هو الإمام المجتهد العلّامة المحدّث، قاضي القضاة، أبو يوسف، يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الأنصاري الكوفي البغدادي، صاحب الإمام أبي حنيفة وتلميذه، وأول من نشر مذهبه. ولي القضاء ببغداد أيام المهدي والهادي والرشيد، وهو أول من وضع الكتب في أصول الفقه على مذهب أبي حنيفة، مات سنة ١٨٢ هـ. (الفهرست ٢٠٣، تاريخ بغداد ٤/ ٢٤٢، وفيات الأعيان ٦/ ٣٧٨، سير أعلام النبلاء ٨/ ٤٧٠).
(٢) لفظة "ابن" سقطت من (آ). وهو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري، الكوفي، أبو عبد الرحمن، قاضي الكوفة. روى عن أخيه عيسى وابن أخيه عبد الله بن عيسى. صدوق، سيء الحفظ جدًّا، وكان فقيهًا صاحب سنة، مات سنة ١٤٨ هـ. (تهذيب التهذيب ٩/ ٣٠١).
(٣) عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري المدني، الكوفي، ثقة، ولد لست بقين من خلافة عمر، مات بوقعة الجماجم سنة ٨٦ هـ، وقيل: غرق. (التقريب).
(٤) رواه الموطأ ٢/ ٢٥٣ في الزكاة: باب الزكاة في الدين. ولفظه فيه: "هذا شهر زكاتكم، فمن كان عليه دَيْن فليؤدِّ دَيْنه حتى تحصُل أموالكم فتؤدون منه الزكاة".

<<  <   >  >>