للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[وظائف شهر شعبان]

ويشتمل على مجالس:

[المجلس الأول في صيامه]

خرَّج الإمامُ أحمد (١) والنسائي مِن حديث أسامَةَ بن زيد، قال: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَصُومُ الأيَّامَ يَسرُدُ حتى نقولَ لا يُفطِرُ، ويُفطِرُ الأيَّامَ حتَّى لا يكادُ يَصُومُ، إلَّا يومين من الجمعة إن كانا في صيامِه، وإلا صامَهُمَا. ولَمْ يكُنْ يَصُومُ مِن الشهور ما يَصومُ من شعبانَ. فقلتُ: يا رسولَ الله، إنَّك تصومُ (٢) لا تكادُ تُفطِرُ، وتُفطِرُ حتَّى لا تكادُ تَصومُ إلَّا يومين إن دخلا في صيامِكَ وإلا صمتَهُما. قال: أي يومين؟ قال: يومُ الاثنين، ويومُ الخميس. قال: ذانك يومانِ تُعرَضُ فيهما الأعمالُ على ربِّ العالمين، وأحِبُّ أن يُعرضَ عملي وأنا صائمٌ. قلْتُ: ولم أركَ تصومُ مِن الشهور ما تَصومُ مِن شعبانَ؟ قال: ذاك شهر يَغْفُلُ الناسُ عنه بينَ رجَبٍ ورمضانَ، وهو شهر تُرفَعُ فيه الأعمالُ إلى ربِّ العالمين عزَّ وجَلَّ، فأحبُّ (٣) أَن يُرفَعَ عَملِي وأنا صائم.

قد تضمَّنَ هذا الحديثُ ذكرَ صيام رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - من جميع السنة، وصيامَه من أيام الأسبوع، وصيامَهُ من شهورِ السنة. فأمَّا صيامُهُ من السنة فكان يَسْرُدُ الصَّومَ أحيانًا والفِطرَ أحيانًا، فيصومُ حتَّى يقالَ لا يُفطِرُ، ويُفطِرُ حتى يقالَ لا يَصُوم. وقد رَوَى ذلك أيضًا عائشةُ وابنُ عباس وأنسٌ وغيرُهم. ففي "الصحيحين" (٤) عن عائشة


(١) مسند الإمام أحمد ٥/ ٢٠١، والنسائي ٤/ ٢٠١ و ٢٠٢ في الصيام: باب صوم النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -.
(٢) في ب، ط: "تصوم حتى لا تكاد".
(٣) في آ، ش، ع: "وأحب".
(٤) أخرجه البخاري رقم (١٩٦٩) في الصوم: باب صوم شعبان، ومسلم رقم (١١٥٦) في الصيام: باب صيام النبي - صلى الله عليه وسلم - في غير مضان.

<<  <   >  >>