للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أبي ثابتٍ (١) إذا دَخَلَ شعبانُ قال: هذا شهرُ القُرَّاءِ. وكان عمرو بن قيس المُلائيُّ (٢) إذا دَخَلَ شعبانُ أَغْلَقَ حانُوتَهُ وتفرَّغ لقراءةِ القرآن. قال الحسنُ بن سهل: قال شعبان: يا ربِّ، جعلتني بينَ شهرَيْنِ عظيمَيْنِ، فما لِي؟ قال: جعلْتُ فيكَ قراءَةَ القرآنِ. يا مَنْ فرَّطَ في الأوقاتِ الشريفةِ وضيَّعَها وأودَعَهَا الأعمالَ السيئةَ، وبئسَ ما اسْتَوْدَعَهَا.

مَضَى رَجَبٌ وما أَحْسَنْتَ فيهِ … وهَذا شَهْرُ شَعْبَانَ المُبَارَكْ

فيا مَنْ ضَيَّعَ الأوقاتَ جَهْلًا … بِحُرْمَتِها أفِقْ واحْذَرْ بَوَارَكْ

فسَوفَ تُفارِقُ اللَّذَّاتِ قَهْرًا (٣) … ويُخْلِي الموتُ كُرْهًا مِنكَ دَارَكْ

تَدَارَكْ ما اسْتَطَعْتَ مِنَ الخَطَايا … بتوبةِ مُخلِصٍ واجْعَلْ مَدَارَكْ

عَلَى طَلَبِ السَّلامَةِ مِنْ جَحِيمٍ … فخيرُ ذوي الجرائمِ مَنْ تَدَارَكْ

* * *

[المجلس الثاني في ذكر نصف شعبان]

خرَّجَ الإمامُ أحمدُ وأبو داودَ والتّرمذيُّ والنّسائيُّ وابنُ ماجَه وابنُ حِبان في "صحيحه" والحاكمُ مِن حديثِ العَلاءِ بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "إذا انتصَفَ شعبانُ فلا تَصُوموا حتى رمضان"، وصحَّحه الترمذيُّ وغيرُه (٤).


(١) هو حبيب بن أبي ثابت، أبو يحيى القرشي الأسدي، تابعي ثقة، وقد سبقت ترجمته.
(٢) عمرو بن قيس الكوفي المُلائي، البزاز، أبو عبد الله، ثقة متقن، عابد، من أولياء الله. مات سنة بضع وأربعين ومائة. (حلية الأولياء ٥/ ١٠٠، سير أعلام النبلاء ٦/ ٢٥٠).
(٣) في ب، ط: "قسرًا".
(٤) رواه الترمذي رقم (٧٣٨) في الصوم: باب ما جاء في كراهية الصوم في النصف الثاني من شعبان لحال رمضان، وقال: حسن صحيح؛ وأبو داود رقم (٢٣٣٧) في الصوم: باب في كراهية من يصل شعبان برمضان؛ وابن ماجه رقم (١٦٥١) في الصيام: باب ما جاء في النهي أن يتقدم رمضان بصوم، إلا من صام صومًا فوافقه. وقد جمع بعضهم بين هذا الحديث وحديث: "لا تَقَدَّموا رمضان بصوم يوم أو يومين، إلا أن يكون رجلًا كان يصوم صومًا فليصمه"، بأن هذا الحديث محمول على من يضعفه الصوم، والحديث بعده مخصوص بمن يحتاط - بزعمه - لرمضان. وسيورد المؤلف - رحمه الله - هذا وغيره من الأقوال.

<<  <   >  >>