للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[فصل ويلتحق بوظائف شهور السنة الهلالية وظائف فصول السنة الشمسية، وفيه ثلاثة مجالس]

[المجلس الأول في ذكر فصل الربيع]

خرَّجا في "الصحيحين" (١) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "إنَّ أَخْوَفَ ما أخافُ عليكم ما يُخرِجُ الله لكم من بَرَكاتِ الأرض. قيل: ما بركات الأرض؟ قال: زَهرة (٢) الدنيا. فقال له رجل: هل يأتي الخيرُ بالشَّرِّ؟ فصَمَتَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حتى ظننتُ أنه سَيُنزَلُ عليه. ثم جَعَلَ يمسَحُ عن جبينه. قال: أين السائلُ؟ قال: أنا. قال: لا يأتي الخيرُ إلَّا بالخير؛ إنَّ هذا المالَ خَضِرةٌ (٣) حُلْوةٌ، وإنَّ كُلَّ ما أنبَتَ الرَّبيعُ يَقْتُلُ حَبَطًا (٤) أو يُلِمُّ، إلَّا آكِلَةَ الخضِرِ (٥)، أكلَتْ، حتى إذا امْتَدَّتْ خاصِرَتَاها استقبلت الشمسَ، فاجترَّتْ وَثَلَطَت (٦) وبالَت، ثم عادَتْ فأكلَتْ؛


(١) أخرجه البخاري رقم (١٤٦٥) في الزكاة: باب الصدقة على اليتامى، وفي الجمعة: باب يستقبل الإِمام القوم واستقبال الناس الإِمام إذا خطب، وفي الجهاد: باب فضل النفقة في سبيل الله، وفي الرقاق: باب ما يحذر من زهرة الدنيا والتنافس فيها. ورواه مسلم رقم (١٠٥٢) في الزكاة: باب تخوف ما يخرج من زهرة الدنيا. والنسائي ٥/ ٩٠ في الزكاة: باب الصدقة على اليتيم.
(٢) زهرة الدنيا: حسنها وبهجتها.
(٣) الخضِرة: الناعمة الغَضَّة.
(٤) حَبِطَ بطنه: إذا انتفخ فهلك. وقوله: أو يُلِمّ، من أَلَمَّ به يُلِمُّ، إذا قاربه ودنا منه، يعني: أو يقرب من الهَلاك.
(٥) الخَضِر: ضروب من النبات مما له أصلٌ غامض في الأرض، كالنَّصِيِّ والصّلّيان، وليس من أحرار البقول، وإنما هو من كلأ الصيف في الغيض، والنِّعَم لا تستكثر منه، وإنما ترعاه لعدم غيره. وواحد الخضِر: خَضِرة.
(٦) ثَلَطَ البعيرُ يثلِط: إذا ألقى رجيعَه سهلًا رقيقًا.

<<  <   >  >>