للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سائرَ السَّنَةِ فقال: نعم. رواه سفيان بن عُيَيْنة، عن جعفر الأحمر (١)، عن إبراهيم بن محمد بن (٢) المُنتشِر، وكان من أَفضل أهل زمانه، أنه بلَغَه أنَّه مَنْ وسَّعَ على عيالِهِ يومَ عاشوراءَ وَسَّعَ (٣) الله عليه سائرَ سنتِهِ. فقال ابنُ عُيينَة: جرَّبناه منذُ خمسين سنة أو ستين سنة فما رأينا إلا خيرًا.

وقول حَرْبٍ: "إن أَحمَد لم يَرَهُ شيئًا" إنما أرادَ به الحديثَ الذي يُروَى مرفوعًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإنه لا يصِحُّ إسنادُهُ. وقد رُوِي من وجوهٍ متعددةٍ لا يصِحُّ منها شيءٌ (٤). ومِمَّن قال ذلك محمدُ بن عبد الله بن عبد الحكم (٥). وقال العقيلي: هو غيرُ محفوظٍ. وقد رُوِي عن عُمَرَ من قوله، وفي إسناده مجهول لا يُعْرَفُ.

وأما اتخاذُهُ مأتمًا كما تفعَلُهُ الرافضَةُ لأجل قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما فيه، فهو من عَمَلِ مَنْ ضَلَّ سعيُهُ في الحياةِ الدنيا وهو يحسَبُ أنَّه يُحْسِنُ صُنعًا، ولم يأمر الله ولا رسولُه باتخاذ أيَّامِ مصائبِ الأنبياءِ وموتهم مأتمًا، فكيف بمن دُونَهم.

[ومن فضائل يوم عاشوراء]

أنه يومٌ تاب الله فيه على قوم. وقد سبَقَ حديثُ علي الذي خرَّجه الترمذي (٦) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لرجل: "إنْ كُنْتَ صائمًا شهرًا بعدَ رمضانَ فصُمِ المحرَّمَ؛ فإنَّ فيه يومًا تابَ الله فيه على قوم ويتوبُ فيه على آخرين". وقد صَحّ من حديث أبي إسحاق (٧)،


(١) هو جعفر بن زياد الأحمر، صدوق، يتشيع، مات سنة ١٦٧ هـ (التقريب).
(٢) في ط: "عن" خطأ. وهو إبراهيم بن محمد بن المنتشر الأجدع الهمداني الكوفي، ثقة، من الخامسة. (التقريب).
(٣) في آ، ش، ع: "أوسع".
(٤) ذكر الهيثمي في "مجمع الزوائد" ٣/ ١٨٩ عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من وسّع على أهله في يوم عاشوراء وسّع الله عليه سنته كلها". رواه الطبراني في الأوسط، وفيه "محمد بن إسماعيل الجعفري"، قال أبو حاتم: منكر الحديث. وذكر أيضًا عن عبد الله بن مسعود، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "من وسّع على عياله يوم عاشوراء لم يزل في سعة سائر سنته". رواه الطبراني في الكبير، وفيه الهيصم بن الشداخ، وهو ضعيف جدًّا.
(٥) فقيه أهل مصر، روى عن ابن وهب، وأنس بن عياض. أكثر عنه الأصم وغيره. احتج به النسائي، وقال: ثقة. مات سنة ٢٨٦ هـ (ميزان الاعتدال ٣/ ٦١١).
(٦) رواه الترمذي رقم (٧٤١) في الصوم، باب ما جاء في صوم المحرّم، وقال: حديث حسن غريب. ويشهد له حديث مسلم رقم (١١٦٣) عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أفضل الصيام، بعد رمضان، شهر الله المحرَّم، وأفضل الصلاة، بعد الفريضة، صلاة الليل".
(٧) هو أبو إسحاق السَّبيعي، عمرو بن عبد الله الهمداني، مكثر، ثقة، عابد، مات سنة ١٢٩ هـ وقيل قبل ذلك. (التقريب).

<<  <   >  >>