للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن معمر، عن ابن (١) طاوس، عن أبيه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تتخذوا شهرًا عيدًا، ولا يومًا عيدًا" (٢). وأصلُ هذا أنه لا يُشرعُ أن يَتخِذَ المسلمون عيدا إلا ما جاءت الشريعةُ باتخاذِه عيدًا، وهو يومُ الفطرِ، ويومُ الأضحى. وأيَّامُ التشريق، وهي أعيادُ العامِ؛ ويومُ الجمعةِ، وهو عيدُ الأسبوع، وما عدا ذلك فاتخاذُه عيدًا وموسمًا بِدْعةٌ لا أصلَ له في الشريعةِ. ومن أحكام رجبٍ ما وَرَدَ فيه مِن الصَّلاةِ والزَّكاةِ والصِّيام والاعتمار: فأما (٣) الصَّلاةُ فلم يصحّ في شهرِ رجبٍ صلاةٌ مخصوصَةٌ تختص به، والأَحاديثُ المروَيَّةُ في فضل صلاة الرغائبِ في أول ليلةِ جمعةٍ من شهر رجبٍ كذبٌ (٤) وباطلٌ لا تصح، وهذه الصَّلاةُ بدْعَةٌ عند جُمهورِ العلماءِ. وممن ذَكَر ذلك مِن أعيانِ العلماءِ المتأخرين من الحفاظِ أبوَ إسماعيلَ الأنصاري، وأبو بكر بنُ السمعاني، وأبو الفضل بن ناصر، وأبو الفرج بن الجوزيّ وغيرُهم. وإنما لم يذكُرْها المتقدِّمون؛ لأنها أُحدِثتْ بعدَهم. وأوَّلُ ما ظهرت بَعدَ الأربعمائة، فلذلك لم يعرفْها المتقدِّمُون ولم يتكلِّموا فيها.

وأما الصيامُ فلم يصحَّ في فضلِ صوم رجبٍ بخصوصِه شيءٌ عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا عن أصحابِهِ، ولكن رُوي عن أبي قِلابَةَ، قال: في الجنَّة قصرٌ لِصُوَّامِ رجب.

قال البيهقي: أبو قِلَابة من كبار التابعين لا يقولُ مثلَه إلَّا عن بلاغٍ. وإنَّما ورَدَ في صيام الأشهرِ الحُرُم كلِّها حديثُ مُجِيبةَ (٥) الباهلية عن أبيها أو عمِّها أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: "صُم مِن الحُرُمِ واترُكْ"، قالها ثلاثًا. [روى الكتاني قال: أنبأنا تمام الرازي، حدثنا القاضي يوسف بن القاسم، حدثنا محمد بن إسحاق السراج، حدثنا يوسف بن موسى، حدثنا حجاج بن منهال، حدثنا حماد بن سلمة، أنبأنا حبيب المعلم عن عطاء، أن عروة قال لعبد الله بن عمر: هل كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم في رجب؟ قال:


(١) لفظة "ابن" سقطت من (آ).
(٢) المصنف ١/ ٢٩٤ رقم (٧٨٥٣).
(٣) في آ: "فأما فضل الصلاة".
(٤) لفظ "كذب" لم يرد في (آ).
(٥) في آ: "بحينة، وفي ع: "جحيفة" وهو تحريف. وقد اختلف في اسم "مجيبة" هل هو اسم لمذكر أو لمؤنث، ففي الخلاصة ص ٣٩٥: "مجيبة بضم أوله وكسر الجيم، الباهلي، عن عمه، وعنه ضريب بن نفير، قاله الثوري. وقال الجريري في رواية حماد بن سلمة ويزيد بن هارون، عن مجيبة عن عمها أو أبيها".

<<  <   >  >>