للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ليس للميت في قبره … فِطْرٌ ولا أضْحَى ولا عَشْرُ

ناءٍ عن الأهل على قُربه .. كذاك مَن مسكنُه القَبْرُ

يا من طلع فَجْرُ شيبِه بعدَ بلوغ الأربعين! يا مَن مَضَى عليه بعد ذلك ليالي (١) عَشْر سنين حتى بلغ الخمسين! يا مَن هو في معترك المنايا ما بينَ الستين والسبعين! ما تنتظر بعد هذا الخبر إِلا أن ياتيك اليقين؟ يا مَن ذنوبُه بعدد الشَّفْع والوتر! أَمَا تستحيي من الكرام الكاتبين؟ أم أنت ممن يكذِّبُ (٢) بيوم الدِّين؟ يا مَن (٣) ظلمة قلبه كالليل إِذا يسري! أما آن لقلبك أن يستنيرَ أو يلين؟ تعرَّضْ لنَفَحَاتِ مولاكَ في هذا العشر؛ فإِنَّ لله فيه نَفَحاتٍ يُصيبُ بها من يشاء، فمن أصابته سعِدَ بها آخِرَ الدَّهر.

[جَنَحَتْ شمسُ حياتي … وتَدَلَّتْ للغروب

وتولَّى ليلُ رأسي … وَبَدا فَجْرُ المشيبَ

ربِّ خلِّصني فقد … لججت في بحر الذُّنوبِ

وأنلني العَفْوَ يا أقـ … ـربَ مِن كلِّ قريبِ] (٤)

* * *

المجلس الثاني

في فضل يوم عرفة مع عيد النَّحْر

في "الصحيحين" (٥) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنَّ رجلًا من اليهود قال له: يا أميرَ المؤمنين! آيةٌ في كتابكم لو علينا مَعْشَرَ اليهودِ نزلَتْ، لاتَّخذْنا ذلك اليومَ عيدًا. فقال: أيُّ آيةٍ؛ قال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (٦). فقال عمر: إِنِّي لأعلم اليومَ الذي نزلَتْ فيه،


(١) لفظ "ليالي" لم يرد في (آ).
(٢) في آ، ش، ع: "يكذِّب بالدِّين".
(٣) فىِ ش: "يا من أظلم قلبه وقسى بالمعاصي، أما آن له أن يستنير .. ".
(٤) ما بين قوسين لم يرد في ب، ط.
(٥) أخرجه البخاري رقم (٤٥) في الإِيمان: باب زيادة الإِيمان ونقصانه، وفي المغازي: باب حجة الوداع، وفي تفسير سورة المائدة: باب {اليوم أكملت لكم دينكم}، وفي الاعتصام، في فاتحته. ورواه مسلم رقم (٣٠١٧) في أول التفسير، والنسائي ٨/ ١١٤ في الإِيمان و ٥/ ٢٥١ في الحج. وأخرجه الطبري في "تفسيره" ٩/ ٥٢٤ - ٥٢٥.
(٦) سورة المائدة الآية ٣.

<<  <   >  >>