للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ أعمالَ بنِي آدَمَ تُعْرَضُ على [الله تبارك وتعالى عشية، كلِّ خميسٍ ليلةَ الجُمعةِ، فلا يُقْبَلُ عَمَلُ قاطِعِ رَحِمٍ" (١).

كان بعضُ التابعينَ يَبْكِي إلى امرأتِهِ يومَ الخميس وتبكِي إليه، ويقول: اليومَ تُعْرَضُ أعمَالُنا على اللهِ، عَزَّ وجَلَّ. يا من يُبَهْرِجُ بعملِهِ، على مَنْ تُبَهْرِجُ، والناقِدُ بَصيرٌ؟. يا مَنْ يُسوِّفُ بتطويلِ أَمَلِهِ، إلى كمْ تسوِّفُ والعُمُرُ قصير؟.

صُرُوفُ الحَتْفِ مُتْرَعَةُ الكُؤوسِ (٢) … تُدارُ (٣) على الرَّعَايا والرُّؤوسِ

فلا تَتْبَعْ هَواكَ فكُلُّ شَخْصٍ … يَصِيرُ إلى بلىً وإلَى دُرُوسِ (٤)

وَخَفْ مِن هَوْلِ يَوْمٍ قَمْطَريرِ (٥) … مَخُوفٍ شَرُّهُ ضنْكٍ عَبُوسِ

فمالَكَ غَيْرُ تَقوَى اللهِ زادًا (٦) … وفِعْلُكَ حِينَ تُقْبرُ مِن أَنِيسِ

فَحَسِّنْهُ لِيُعْرَضَ مُستقيمًا … فَفِي الاثنينِ يُعرَضُ والخميسِ

* * *

[المجلس الثالث في ذكر وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم -]

خرَّجا (٧) في "الصحيحين" من حديث أبي سعيد الخدريِّ رضي الله عنه، أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - جَلَسَ على المنْبرِ، فقال: "إنَّ عَبْدًا خيَّرَهُ اللهُ بينَ أنْ يؤتيَهُ مِنْ زَهْرَة الدُّنيا ما شاءَ، وبينَ ما عندَهُ، فاخْتَارَ ما عندَه". فبكَى أبو بكر [وبَكَى] (٨)، وقال: يا رسول اللهِ،


(١) رواه أحمد في "المسند" ٢/ ٤٨٤. والبخاري في "الأدب المفرد" رقم (٦١) و (٤١١) وما بين حاصرتين زيادة منه، وهو حديث حسن.
(٢) الصروف: جمع صَرْفٍ، وهو حِدْثان الدهر ونوائبه.
والحتف: الموت. وكأس مترع: ممتليء.
(٣) في ب، ط: "تدور".
(٤) دَرَسَ الشيءُ والرَّسْمُ: عفا، ودرسته الريح. واستعاره هنا ليدل على موت الإنسان وفنائه.
(٥) يوم قمطرير: يوم شديد العبوس، واقمطرَّ يومنا: اشتدَّ. ومنه قوله تعالى: {إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا} [الإنسان: ١٠].
(٦) في ب: "زاد".
(٧) لفظة: "خرجا" لم ترد في (ط).
(٨) لفظة: "وبكى" من "صحيح مسلم" و "جامع الأصول" ٨/ ٥٨٧. وقال الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي في حاشية "صحيح مسلم": هكذا هو في جميع النسج: "فبكى أبو بكر وبكى" معناه بكى كثيرًا ثم بكى.

<<  <   >  >>