للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ترنَّموا بالذِّكْر في ليلِهم … فعيشُهم قد طابَ بالتَّرنُّم

قلوبُهم للذِّكْر قد تفرَّغَتْ … دموعُهُمْ كلؤلؤٍ منتظمِ (١)

أسحارهُم بهم لهم قد أشرقَتْ … وخِلَعُ الغُفْرانِ خَيرُ القِسَمِ

وَيْحَكِ يا نَفْسُ ألا تَيَقُّظ … ينفعُ قبل أن تزِلَّ قدمِي

مضى الزَّمانُ في توانٍ وهَوًى … فاسْتَدْرِكي ما قَدْ بَقِي واغْتَنِمِي

* * *

المجلس الثالث في ذكر العشر الأوسط من شهر رمضان وذكر (٢) نصف الشهر الأخير

في الصحيحين (٣) عن أبي سعيدٍ الخُدْرِيّ رضي الله عنه، قال: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يعتكِفُ في العَشْرِ الأَوْسَطِ من رمضانَ، فاعْتَكَفَ عامًا، حتَّى إذا كانت ليلةُ إحدى وعشرينَ، وهي الليلة التي يخرُجُ في صَبِيحتِها من اعْتِكافِهِ، قال: "مَن كان اعْتَكَفَ معي فَلْيَعْتَكِفِ العَشْرَ الأواخِر. وقد أُرِيتُ هذه الليلة ثم أُنسيتُها، وقد رأَيْتُني أَسْجُدُ في ماءٍ وَطِينٍ من صَبِيحتِها، فالتمسوها في العَشْرِ الأواخر، والتمسوها في كُلِّ وِتْرٍ".

فمطرت السَّماءُ تلكَ الليلةَ، وكان المسجدُ على عَريشٍ (٤)، فَوَكَفَ المَسْجِدُ، فبصُرَتْ عينايَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - على جَبْهَتِهِ أثَرُ الماءِ والطِّينِ من صُبْحِ إحْدَى وعشرين. هذا الحديث يدلُّ على أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يعتكِفُ العَشْرَ الأوسَطَ من شهر رمضان؛


(١) في ب: "مُنْظم".
(٢) في آ: "وذكر النصف الأخير".
(٣) أخرجه البخاري رقم (٨١٣) في صفة الصلاة: باب السجود على الأنف في الطين، و (٢٠١٦) في فضل ليلة القدر: باب التماس ليلة القدر في السبع الأواخر، و (٢٠١٨) باب تحري ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر، و (٢٠٢٧) في الاعتكاف: باب الاعتكاف في العشر الأواخر، و (٢٠٣٦) باب الاعتكاف وخروج النبي صبيحة عشرين، و (٢٠٤٠) باب من خرج من اعتكافه عند الصبح. وخرجه مسلم رقم (١١٦٧) في الصوم: باب فضل ليلة القدر.
(٤) العريش: سقف من خشب وحشيش ونحو ذلك. ووكف المسجدُ: قطر ماء المطر من سقفه.

<<  <   >  >>