للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ليالي العشر؛ لأنَّ العارفين يجتهدون في الأعمال، ثم لا يرون لأنفسهم عملًا صالحًا (١)، ولا حالًا، ولا مقالًا، فيرجعون إلى سؤالِ العَفْوِ، كحالِ المُذْنِب المقصِّرِ. قال يحيى بنُ معاذٍ: ليس بعارفٍ مَن لم يكنْ غايةُ أملِهِ من الله العَفْوَ.

إنْ كُنْتُ لا أَصْلُحُ لِلْقُرْبِ … فشأنُكُم عَفْوٌ عَنِ الذَّنْبِ

كان مُطَرِّفٌ يقولُ في دعائه: اللهم، ارضَ عنَّا، فإن لم تَرْضَ عنَّا فاعْفُ عنَّا. مَن عظُمَتْ ذُنُوبُه في نَفْسِه لم يَطْمَعْ في الرِّضا، وكان غايةُ أملِه أن يطمَعَ في العَفْوِ. ومَن كَمُلَتْ معرِفَتُهُ لم يَرَ نفسَهُ إلَّا في هذه المنزلة.

يا رَبّ عبدُكَ قد أتا … كَ وقَدْ أَسَاءَ وقَدْ هَفَا

يَكْفِيهِ (٢) مِنْكَ حَيَاؤهُ … مِنْ سُوءِ ما قَدْ أَسْلَفَا

حَمَلَ الذُّنُوبَ على الذُّنُو … بِ المُوبِقاتِ وأَسْرَفا

وقد اسْتَجَارَ بِذَيْلِ … عَفْوِكَ مِن عِقابكَ مُلْحِفا

يا ربّ فاعف وعافِهِ (٣) … فلأنْتَ أَوْلَى مَنْ عَفَا

* * *

[المجلس السادس في وداع رمضان]

في "الصحيحين" (٤) مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "مَن صَامَ رمضانَ إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ لَهُ ما تقدَّم مِن ذَنْبِه. ومَن قام ليلَةَ القَدْر إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه". وفيهما أيضًا من حديثِ أبي هريرة أيضًا


(١) لفظ "صالحًا" لم يرد في آ، ش.
(٢) في ش: "يكفيك منه".
(٣) في ط: "رب اعف عنه وعافه"، وفي ب، ش، ع: "يا رب فاعف عنه وعافه"، وأثبت ما جاء في نسخة (آ).
(٤) أخرجه البخاري رقم (١٩٠١) في الصوم: باب من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا، وفي الإيمان: باب قيام ليلة القدر من الإِيمان، وباب تطوع قيام رمضان من الإِيمان، وياب صوم رمضان احتسابًا من الإيمان، وفي صلاة التراويح: باب فضل من قام رمضان، وباب فضل ليلة القدر. ومسلم رقم (٧٥٩) في صلاة المسافرين: باب الترغيب في قيام رمضان، وهو التراويح.

<<  <   >  >>