للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جيء بها تُقاد بسبعين ألف زمامٍ مَن يندَمُ. ألكَ صبرٌ على سَعِيرها وَزَمهريرها؟ قلْ وتكلَّم، ما كان صلاحُك يُرجَى، والله أعلم.

كم يكونُ الشتاءُ ثم المصِيفُ … وَرَبيعٌ يَمْضِي وَيأتي الخريفُ

وارْتِحال من الحَرُورِ إلى البَرْ … دِ وَسَيْفُ الرَّدَى عليك مُنيفُ

يا قلِيلَ المُقَامِ في هذه الدُّنيا … إلى كَمْ يَغُرُّك التَّسويفُ

يا طالبَ الزَّائلِ حتَّى مَتَى … قلبُك بالزَّائل مشغُوفُ (١)

عَجَبًا لامرئٍ يذِلُّ لذي الدُّنيا … ويكفِيه كُلَّ يومٍ رغيفُ

* * *

مجلس في ذكر التوبة والحثِّ عليها قبل الموت وختم العمر بها والتوبة وظيفة العمر وهي خاتمة مجالس الكتاب

خرَّج الإِمام أحمد (٢) والترمذي وابنُ حِبان في "صحيحه" من حديث ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "إنَّ الله عزَّ وجلَّ يقبَلُ تَوْبَةَ العَبْدِ ما لم يُغَرْغِر". وقال الترمذي: حديثٌ حسنٌ. دَلَّ هذا الحديثُ على قبول تَوبةِ الله عزَّ وجلَّ لعبدِه ما دامَتْ روحُه في جَسَدِه لم تبلُغِ الحُلْقُومَ والتراقي. وقد دَلَّ القرآن على مثل ذلك أيضًا؛ قال الله عزَّ وجلَّ: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} (٣). وعَمَلُ السُّوء إذا (٤) أفرد دَخَلَ فيه جميعُ السَّيئاتِ؛ صغيرُها وكبيرُها. والمراد بالجهالة الإقدامُ على عمل السُّوء وإن علِمَ صاحبُه أنَّه سُوء؛ فإن كُلَّ مَن عَصَى الله فهو جاهلٌ، وكُلَّ مَن أطاعَه فهو عالم؛ وبيانُهُ من وجهين:


(١) هذا البيت غير مستقيم الوزن، ولم يرد في نسخة (ش)، وهو مستدرك في هامش نسخة (ع).
(٢) رواه أحمد في "مسنده" ٢/ ١٣٢ و ١٥٣ بسند صحيح. والترمذي رقم (٣٥٣١) في الدعوات: باب التوبة مفتوح قبل الغرغرة، وإبن ماجه رقم (٤٢٥٣) في الزهد: باب ذكر التوبة، وابن حبان رقم (٢٤٤٩) موارد، وإسناده حسن.
(٣) سورة النساء الآية ١٧.
(٤) في ب، ط "إذا أفرد دخل فيه".

<<  <   >  >>