للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وخرَّجه النسائي وابنُ حِبَّانَ (١)، وعندهما: "فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: خالِفُوهم فَصُومُوه". وهذا يَدُلُّ على النهي عن اتخاذه عيدًا وعلى اسْتحباب صيامِ أعياد المشركين (٢)؛ فإن الصَّومَ يُنافي اتخاذَهُ عيدًا فيوافقون في صيامه معَ صيامِ يوم آخرَ معه، كما تقدّمَ. فإن في ذلك مخالفةً لهم في كيفيَّةِ صيامِهِ أيضًا، فلا يبقى فيه موافقةٌ لهم في شيء بالكُليَّةِ. وعلى مثل هذا يُحملُ ما خرجه الإمامُ أحمد، والنسائي، وابنُ حِبَّانَ من حديث أمِّ سلمة: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يصومُ يومَ السبتِ ويومَ الأحدِ أكثرَ ما يَصُومُ من الأيام، ويقولُ: "إنَّهما يوما عيدٍ للمشركين، فأنا أحِبُّ أن أخالِفَهُم" (٣). فإنه إذا صامَ اليومين معًا خرَجَ بذلك عن مُشابهَةِ اليهودِ والنصارى في تعظيم كل طائفةٍ ليومِها مُنْفرِدًا، وصيامُه فيه مخالفةٌ لهم في اتخاذِه عيدًا، ويجمعُ (٤) بذلك بين هذا الحديث وبين حديث النهي عن صيامِ يومِ السبتِ.

وكلُّ ما رُوي في فضل الاكتحالِ في يومِ عاشوراءَ والاختضابِ والاغتسَالِ فيه، فموضوعٌ لا يصِحُّ.

وأَمّا الصَّدَقَةُ فيه فقد رُوي عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: مَن صامَ عاشوراءَ فكأنما صام السَّنةَ، ومَنْ تصدَّقَ فيه كان كصدَقةِ السَّنةِ. أخرَجَهُ أبو موسى المَدِيني.

وأمَّا التوسِعَةُ فيه على العيالِ فقال حربٌ (٥): سألْتُ أحمدَ عن الحديث الذي جاء: "مَنْ وسَّعَ على أهلِهِ يومَ عاشوراءَ" فلَمْ يَرَهُ شيئًا. وقال ابنُ منصور (٦): قلت لأحمَدَ: هل سمعتَ في الحديثِ "مَنْ وسَّعَ على أهلِه يومَ عاشوراءَ وَسَّعَ (٧) الله عليه


(١) أخرجه ابن حبان في "صحيحه" ٥/ ٢٥٥ عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: كانت يهود تتخذ يوم عاشوراء عيدًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خالفوهم، صوموا أنتم".
(٢) في آ، ش، ع: "الكفار".
(٣) رواه أحمد في "المسند" ٦/ ٣٢٤، وابن حبان في "صحيحه" ٥/ ٢٥١، ٢٦٢.
(٤) في آ: "أو يجمع ذلك".
(٥) هو حرب بن إسماعيل الكرماني، الفقيه الحافظ، صاحب الإمام أحمد، توفي سنة ٢٨٠ هـ. (تذكرة الحفاظ ٦١٣).
(٦) هو إسحاق بن منصور بن بَهْرام الكَوسج، روى عن أحمد بن حنبل، وله عنه مسائل مفيدة. ثقة ثبت، أحد الأئمة من أصحاب الحديث. مات سنة ٢٥١ هـ. (تهذيب الكمال ٢/ ٤٧٤).
(٧) في آ، ب، ط: "أوسع".

<<  <   >  >>