للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بهِ إلى رَوضةٍ فأوقفوه. قال: فلمَّا كان بعد العصر جاءت الوحوشُ من كل وَجْهٍ، فأحاطتْ بالروْضةِ رافعةً رؤوسَها [إلى السماء] (١) ليس شيءٌ منها يأكلُ، حتى إذا غابَتِ الشمسُ أسرَعَتْ جميعًا فأكلَتْ. وبإسنادِه عن عبد الله بن عمرو، قال: بين الهند والصين أرضٌ كان بها بَطَّةٌ من نُحاسٍ، على عَمُودٍ من نحاس، فإذا كان يومُ عاشوراءَ مَدَّتْ مِنقارَها، فَيَفيضُ من مِنقارِها ماءٌ يَكفِيهم لزروعهم (٢) ومَوَاشيهم إلى العام المُقْبِلِ.

ورُئِي بعضُ العلماء المتقدِّمين في المنامِ فسئل عن حاله، فقال: غُفِرَ لي بصيام عاشورَاءَ ستينَ سنةً. وفي رواية: ويوم قبلَه ويوم بعدَه. وذكر عبدُ الوهاب الخَفّافُ (٣) في كتاب الصيام، قال سعيد: قال قَتادَةُ: كان يقالُ: صَومُ عاشوراء كفارةٌ لما ضيَّع الرَّجُلُ من زكاةِ مالِه. وقد رُوي أن يومَ عاشوراء كان يومَ الزِّينةِ الذي كان فيه ميعادُ موسى لفرعونَ، وأنه كان عيدًا لهم. ويروى أن موسى عليه السلام كان يلبَسُ فيه الكَتَّانَ ويكتحِلُ فيه بالإثمِدِ (٤). وكانت اليهودُ مِن أهل المدينة وخيبَر (٥) في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتَّخِذُونه عيدًا، وكان أهلُ الجاهلية يقتَدُون بهم في ذلك، وكانوا يَسْتُرُون فيه الكَعْبَةَ. ولكنْ شَرْعُنا وَرَدَ بخلافِ ذلك. ففي "الصحيحين" (٦) عن أبي موسى، قال: كان يومُ عاشوراءَ يومًا تعظِّمُه اليهودُ وتتَّخِذُه عيدًا، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "صُومُوه أَنْتُم". وفي رواية لمسلم (٧): كان أهلُ خيبَرَ يَصُومُون يومَ عاشوراءَ، يتخذُونَهُ عيدًا، ويُلْبِسُونَ نِساءَهُم فيه حُليَّهُم وشارَتَهُم (٨)، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "فَصُومُوه أنتم".


(١) زيادة من ع، ط.
(٢) في آ، ع: "لزرعهم".
(٣) هو عبد الوهاب بن عطاء الخفاف، أبو نصر العجلي البصري، سكن بغداد، راوية سعيد بن أبي عَرُوبة. صدوق، ربما أخطأ. قال الذهبي في سير أعلام النبلاء ٩/ ٤٥١: حديثه في درجة الحسن. مات نحو سنة ٢٠٤ هـ.
(٤) الإثمد: حجر يُكتَحل به.
(٥) قوله: "من أهل المدينة وخيبر" سقط في آ.
(٦) البخاري ٤/ ٢٤٤ (٢٠٠٥) في الصوم، باب صيام يوم عاشوراء؛ ومسلم (١١٣١) (١٣٠) في الصيام، باب صوم يوم عاشوراء.
(٧) مسلم رقم (١١٣١) (١٣٠) في الصيام، باب صوم يوم عاشوراء.
(٨) الشارة: اللباس والهيئة. أي يُلبسونهن لباسهم الحسن الجميل.

<<  <   >  >>