للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ أنَّها قالت: وَضَعْتُه فما وَقَعَ كما يقَعُ الصِّبْيَانُ، وَقَعَ واضِعًا يدَهُ على الأرضِ، رافِعًا رأسَهُ إلى السَّماءِ (١). ورُوِيَ أيضًا أنَّه قَبَضَ قَبْضَةً مِنَ التُّرابِ بيدِهِ لمَّا وَقَعَ بالأرضِ (٢). فقالَ بعض القافَةِ (٣): إنْ صَدَقَ الفألُ (٤) ليَغْلِبَنَّ أَهْلَ الأرْضِ.

وروي أنَّهُ وُضِعَ تحتَ جَفْنَةٍ (٥)، فانْفَلَقَتْ عنه، ورجَدُوه ينظُرُ إلى السَّماءِ. واختلفتِ الروايَاتُ؛ هَلْ وُلِدَ مختونًا؟ [فرُوِي أنَّه وُلِدَ مختونًا] (٦) مسرورًا، يعني مقطوعَ السُّرَّة، حتَّى قالَ الحاكم (٧): تواتَرَتِ الرواياتُ بذلك. ورُوي أن جدَّهُ خَتَنَهُ، وتوقَّفَ الإمامُ أحمدُ في ذلك.

قال المرْوَزِيُّ: سُئلَ أبو عبد الله (٨): هَلْ وُلِدَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - مختونًا؟ قال: الله. أعلمُ، ثمَّ قال: لا أدري. قال أبو بكر عبدُ العزيز بنُ جعفرٍ مِن أصحابِنا: قد رُوِيَ أنَّه - صلى الله عليه وسلم - وُلِد مَخْتونًا مَسْرورًا. ولم يجترئ أبو عبد الله على تصحيحِ هذا الحديثِ.

وأمَّا شهرُ ولادتِهِ فقد اختُلِفَ فيه، فقيل: في شهر رمضانَ، رُوِي عن عبدِ اللهِ بن عمرو بإسنادٍ لا يَصِحُّ. وقيل: في رَجبٍ، ولا يَصِحُّ. وقيل: في رَبيع الأوَّلِ، وهو المشهورُ بين النَّاسِ، حتَّى نَقَلَ ابنُ الجوزيِّ وغيرُه عليه الاتِّفاقَ، ولكنَّهُ قولُ جُمهُورِ العلماءِ. ثم اخْتَلَفُوا في أيِّ يومٍ كانَ مِنَ الشهرِ، فمنهم مَنْ قال: هو غَيْرُ مُعيَّنٍ، وإنما وُلِدَ في يومِ الاثنينِ من رَبيع [الأول] (٩) من غيرِ تعيينٍ لِعددِ ذلك اليومِ مِنَ الشهرِ.

والجمهور على أنَّه يومٌ مُعيَّنٌ منه، ثم اختَلفُوا، فقيل: لِليلَتَيْن خلتا منه. وقيل: لِثمانٍ خلَتْ منه. وقيل: لِعَشْرٍ. وقيل: لاثنتي عشرة. وقيل: لِسبعَ عَشرةَ. وقيل:


(١) ذكر هذا الخبر ابن سعد في "الطبقات" ١/ ١٠٣ فقال: أخبرنا يحيى بن حمزة عن الأوزاعي، عن حسان بن عطية: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لمَّا ولد وقع على كفيه وركبتيه شاخصًا بصره إلى السماء، وهذا الخبر مرسل؛ لأن حسان بن عطية من أتباع التابعين، ولم يصرح بمن حدثه به. وذكره ابن إسحاق في "السيرة النبوية" بتهذيب ابن هشام من غير إسناد ١/ ١٦٥.
(٢) لم أجده فيما لدي من المصادر. (ع).
(٣) القافة: جمع قائف، وهو الذي يتتبع الآثار ويعرفها ويعرف شبه الرجل بأخيه وأبيه.
(٤) الفَأْلُ: ضدُّ الطِّيَرة، وهو فيما يستحبُّ، والطِّيرَة لا تكون إلَّا فيما يَسوء.
(٥) الجَفْنة: أعظمُ ما يكون من القصاع. (ولها معان أخر).
(٦) ما بين حاصرتين سقط من (آ).
(٧) في "المستدرك" (٢/ ٦٠٢) وتعقبه الذهبي بقوله: قلت: ما أعلم صحة ذلك، فكيف يكون متواترًا. وقد صرح ابن القيم في "زاد المعاد" ١/ ٨١ بأنه ليس فيه حديث ثابت.
(٨) يعني الإمام أحمد بن حنبل، رحمه الله.
(٩) زيادة من حاشية النسخة (ب).

<<  <   >  >>