للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كثيرةٌ؛ فمنها ما كان في الجاهليةِ، واختلَفَ العلماءُ في استمراره في الإسلام، كالقتال، وقد سبق ذكرُه، وكالذبائح، فإنهم كانوا في الجاهليةِ يذبَحون ذَبيحةً يسمُّونها العتيرَة. واختلفَ العلماءُ في حكمها في الإسلام؛ فالأكثرون على أن الإسلامَ أبطلَهَا. وفي "الصحيحين" عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "لا فَرَعَ (١) ولا عَتِيرَة" (٢).

ومنهم من قال: بل هي مُستحبَّةٌ؛ منهم ابنُ سيرين. وحكاه الإمامُ أحمد عن أهلِ البصرة. ورجَّحَه طائفةٌ من أهلِ الحديثِ المتأخرين.

ونقل حنبلٌ عن أحمد نحوَه.

وفي سنن أبي داودَ والنسائي وابن ماجه، عن مِخنف بن سُليم [الغَامِدي] (٣) أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال بعرفة: إن على كُلِّ أهل بيتٍ في كل عام أُضْحِيَّةً (٤) وعَتِيرةً (٥)، وهي التي يسمُّونها الرجَبِيَّةَ (٦).

وفي النَّسَائِي (٧) عن نُبَيْشَةَ أنهم قالوا: يا رسولَ الله، إنا كنا نَعْتِرُ فيه في الجاهلية، يعني في رَجَبَ. قال: "اذبحوا للهِ في أيِّ شهرٍ كان، وبرُّوا الله وأطعِمُوا".


(١) الفَرَعُ والفرَعَةُ، بفتح الراء: أول نِتاج الإبل والغنم، وكان أهل الجاهلية يذبحونه لآلهتهم، يتبرَّعون بذلك، فنُهي عنه المسلمون. (اللسان: فرع).
(٢) أخرجه البخاري رقم (٥٤٧٣) و (٥٤٧٤) في العقيقة: باب الفرع، وباب العتيرة؛ ومسلم رقم (١٩٧٦) في الأضاحي، باب الفرع والعتيرة، وانظر رواياته وتخريجه في "جامع الأصول" ٧/ ٥١١.
(٣) زيادة من (ط). وهو صحابي، نزل بالكوفة، وكانت معه راية الأزد بصفين، واستشهد بعين الوردة سنة ٦٤ هـ. انظر الإصابة لابن حجر ٣/ ٣٩٢ وقد ذكر الحديث، والتقريب ٢/ ٢٣٦.
(٤) في الأصول: "أضحى"، والمثبت من سنن أبي داود والترمذي وابن ماجه. وعند النَّسَائِي وأحمد "أضحاة". وأضحى: جمع أضحاة، وجمع الأضحية أضاحي.
(٥) في ط: "أو عتيرة".
(٦) رواه أبو داود رقم (٢٧٨٨) في الضحايا، باب ما جاء في إيجاب الأضاحي، والنسائي ٧/ ١٦٧ في الفرع والعتيرة، في فاتحته؛ وابن ماجه رقم (٣١٢٥) في الأضاحي، باب الأضاحي واجبة هي أم لا؟، ورواه الترمذي رقم (١٥١٨) في الأضاحي، باب ما جاء في الفرع والعتيرة، وأحمد في "المسند" ٤/ ٢١٥ من حديث مخنف بن سليم رضي الله عنه، وفي ٥/ ٧٦ من حديث حبيب بن مخنف بن سليم.
(٧) رواه أبو داود رقم (٢٨٣٠) في الأضاحي، باب في العتيرة؛ والنسائي ٧/ ١٦٩ - ١٧١ في الفرع والعتيرة، باب تفسير العتيرة، وباب تفسير الفرع، وإسناده حسن. وانظر رواياته وتخريجه في "جامع الأصول" ٥٠٦ - ٥٠٧.

<<  <   >  >>