للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غير أشهرِ الحجِّ، وذلك مِن جملة إتمامِ الحجِّ والعمرةِ المأمورِ (١) بهِ. كذلك قالَهُ جُمهورُ الصَّحابةِ كعُمَرَ وعثمانَ وعليّ وغيرهم، رضي اللّه عنهم.

وقد رُوِي أنه كان في شهرِ رجب حوادثُ عظيمةٌ، ولم يصحّ شيءٌ من ذلك؛ فرُوِي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وُلِدَ في أوَّلِ ليلةٍ منه، وأنَّه بُعِثَ في السابعِ والعشرين منه، وقيل: في الخامس والعشرين، ولا يصحُّ شيء من ذلك. ورُوي بإسنادٍ لا يصحُّ عن القاسم بن محَمد (٢) أن الإِسراء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - كان في سابع عشرين من رجبٍ، وأنكَر ذلك إبراهيمُ الحربيُّ وغيرُه. ورُوِي عن قيس بن عُبَادٍ (٣)، قال: في اليوم العاشرِ من رجب {يَمْحُو اللهُ ما يَشَاءُ ويُثْبِت} (٤).

وكان أهلُ الجاهلية يتحرَّوْنَ الدُّعاءَ فيه على الظالِم، وكان يُستجابُ لهم، ولهم في ذلك أخبارٌ مشهورةٌ قد ذكَرَها ابن أبي الدنيا في كتاب "مجابي (٥) الدعوة" وغيرُه. وقد ذُكر ذلك لِعُمَرَ بن الخطاب، فقال عُمر: إنَّ الله كان يصنعُ بهم ذلك ليحجُزَ بعضَهم عن بعضٍ، وأنَّ اللّه جعلَ الساعةَ موعدَكم (٦) والساعةُ أَدْهَى وأمر. ورَوَى زائدةُ بنُ أبي الرقادِ (٧)، عن زياد النُّميري (٨)، عن أنسٍ، قال: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دَخَلَ رجب قال: "اللهم بارِك لنا في رجب وشعبانَ وبلِّغنا رمضانَ" (٩).


(١) أي في قوله تعالى (سورة البقرة: ١٩٦): {وأتِموا الحج والعُمْرَةَ للهِ … }، الآية. وانظر تفسير القرطبي ٥/ ٣٦٢ - ٣٧٠.
(٢) هو القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، أبو محمد، أحد الفقهاء السبعة في المدينة، من سادات التابعين، كان صالحًا ثقة. مات سنة ١٠٨ هـ. (صفة الصفوة ٢/ ٨٨).
(٣) في ع: "عبادة". وهو قيس بن عُبَاد الضُّبَعي، أبو عبد الله البصري، من ثقات التابعين، ومن كبار الصالحين، قدم المدينة في خلافة عمر، وروى الحديث، وسكن البصرة، وخرج مع ابن الأشعث، فقتله الحجاج نحو سنة ٨٥ هـ، ووهم من عدَّه من الصحابة. (الإصابة: تر ٧٣٠٢، والتقريب ٢/ ١٢٩، والأعلام ٥/ ٢٠٧).
(٤) سورة الرعد الآية ٣٩.
(٥) في آ، ب، ط: "مجاب الدعوة"، وأثبت ما جاء في ع، ش، وقد طبع بعنوان "مجابي الدعوة". ولم يرد فيه من هذه الأخبار التي جرت في الجاهلية غير خبر واحد، وهو رقم (٢٠)، حدث في الشهر الحرام دون تحديد.
(٦) في ط: "موعدهم".
(٧) زائدة بن أبى أبي الرقاد الباهلي، أبو معاذ البصري الصيرفي، منكر الحديث. قال أبو حاتم: يحدّث عن زياد النميري، عن أنس أحاديثَ مرفوعة منكرة، ولا ندري منه أو من زياد. (تهذيب الكمال ٩/ ٢٧١).
(٨) في ط: "التميمي". وهو زياد بن عبد الله النُّميري البصري، روى عن أنس بن مالك. ضعيف الحديث. (تهذيب الكمال ٩/ ٤٩٢).
(٩) إسناده ضعيف، كما سيبينه المؤلف بعد قليل. رواه أحمد في=

<<  <   >  >>