للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لئن قلْتُ إني في صَنيعيَ مُحْسِنٌ … فإنِّيَ في قَوْلي لذَلكَ ذو إفْكِ

لَياليَ شَعبانٍ وليلةُ نِصْفِهِ … بأيَّةِ حال قَدْ تنزَّلَ لي صَكّي

وحَقِّي لعمرِي (١) أنْ أُدِيمَ تضرُّعِي … لَعَلَّ إلَهَ الخَلْقِ يَسْمَحُ بالفَكِّ

فينبغِي للمؤمنِ أن يتفرَّغَ في تلك الليلةِ لذكر الله تعالى ودعائِه بغفرانِ الذُّنوبِ وسترِ العيوبِ وتفريجِ الكُروبِ، وأن يُقدِّمَ على ذلك التَّوبةَ؛ فإنَّ الله تعالى يتوبُ فيها على من يتوبُ.

فَقُمْ ليلَةَ النِّصْفِ الشَّرِيفِ مُصلِّيًا … فأَشْرَفُ هذا الشَّهرِ لَيلةُ نِصْفِهِ

فَكَمْ مِن فَتىً قَدْ بَاتَ في النِّصْفِ غافلًا (٢) … وقَدْ نُسِخَتْ فيه صَحِيفَةُ حَتْفِهِ

فَبَادِرْ بفِعْلِ الخَيْرِ قَبْلَ انْقِضائِهِ … وحَاذِرْ هُجومَ المَوْتِ فيهِ بصَرْفِهِ

وَصُمْ يَوْمَها للهِ واحْسنْ (٣) رَجَاءَهُ … لِتظفَرَ عندَ الكَرْبِ منهُ بِلُطْفِهِ

ويتعيَّن على المسلم أن يجتنبَ الذنوبَ التي تمنعُ من المغفرة وقبولِ الدعاء في تلك الليلة. وقد روي أنَّها (٤): الشركُ، وقتلُ النفس، والزِّنا؛ وهذه الثلاثةُ أعظمُ الذنوب عندَ الله عزَّ وجلَّ، كما في حديث ابن مسعود المتَّفق على صحته، أنَّه سأل النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -: أيُّ الذَّنب أعظمُ؟ - قال: أنْ تجعَلَ للهِ نِدًّا (٥) وهو خَلَقَكَ. قال: ثم أيُّ؟ قال: أن تقتُلَ ولدَكَ خَشْيةَ أن يَطْعَمَ معك. قال: ثم أيُّ؟ قال: أن تُزانيَ حَلِيلةَ جارِك. فأنزَلَ الله تعالى تصديق ذلك {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ} (٦)، الآية.

ومِن الذنوب المانعةِ من المغفرة أيضًا: الشحناءُ، وهي حقدُ المسلم على أخيه


(١) في آ، ش، ع: "وحقي عمري".
(٢) في ب، ط: "آمنًا".
(٣) في آ، ع: "واعظم".
(٤) أي الذنوب.
(٥) النِّد: المثل، والشَّبه.
(٦) سورة الفرقان الآية ٦٨. وأخرج الحديث البخاري ٨/ ٣٧٨ في تفسير سورة الفرقان: باب قوله: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ}. وفي تفسير سورة البقرة: باب قوله تعالى: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا}، وفي الأدب: باب قتل الولد خشية أن يأكل معه، وفي المحاربين: باب إثم الزناة، وفي التوحيد: باب قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ}. رواه مسلم رقم (٨٦) في الإيمان: باب كون الشرك أقبح الذنوب؛ والترمذي رقم (٣١٨١) و (٣١٨٢) في التفسير.

<<  <   >  >>