للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبطونُها من ظهورها". قالوا: لمن هي يا رسولَ الله؟ قال: "لمن طيَّب الكلامَ، وأطعَمَ الطَّعامَ، وأدامَ الصِّيام، وصلَّى بالليل والنَّاس نيام" (١).

وهذه الخصال كلُّها تكون في رمضانَ، فيجتمع فيه للمؤمن الصِّيامُ، والقيامُ؛ والصَّدَقةُ، وطيبُ الكلام؛ فإنَّه يُنهى فيه الصَّائمُ عن اللَّغْو والرَّفَثِ.

والصِّيامُ والصَّلاةُ والصَّدقةُ تُوصل صاحبَها إلى الله عزَّ وجلَّ؛ قال بعضُ السَّلف: الصَّلاةُ توصِلُ صاحبَها إلى نصْفِ الطريق، والصِّيامُ يوصِلُه إلى باب الملِكِ، والصَّدقَةُ تأخذُ بيدِه فتدخِلُه على الملِكِ. وفي صحيح مسلم (٢) عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال: "من أصبَحَ منكم اليوم صائمًا؟ قال أبو بكر: أنا، قال: مَن تَبِعَ منكُمُ اليومَ جَنازَةً؟ قال أبو بكر: أنا، [قال: فمن أطعم اليوم مسكينًا؟ قال أبو بكر: أنا،] (٣)، قال: مَن تصدَّق بصدقةٍ؟ قال أبو بكر: أنا، قال: فمن عاد منكم مَريضًا؟ قال أبو بكر: أنا. قال: ما اجْتَمَعْنَ في امرئ إلَّا دخَلَ الجنَّة".

ومنها: أنَّ الجمعَ بين الصِّيام والصَّدقة أبلغُ في تكفير الخطايا واتقاءِ جهنَّم والمباعدة عنها، وخُصُوصًا إن ضمَّ إلى ذلك قيام الليل. فقد ثَبَتَ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: "الصِّيامُ جُنَّةٌ" (٤). وفي رواية: "جُنَّةُ أحدِكم مِن النَّار كَجُنَّتِهِ مِنَ القِتال" (٥).


(١) أخرجه الترمذي رقم (١٩٨٥) في البر والصلة: باب ما جاء في قول المعروف، وهو حديث حسن. ورواه الإِمام أحمد في "المسند" ٥/ ٣٤٣ من حديث أبي مالك الأشعري، والحاكم في "المستدرك" ١/ ٨٠، ٣٢١ من حديث ابن عمر، وصححه ووافقه الذهبي.
(٢) رقم (١٠٢٨) في الزكاة: باب من جمع الصدقة وأعمال البر، وفي فضائل الصحابة: باب من فضائل أبي بكر رضي الله عنه.
(٣) ما بين قوسين لم يرد في آ، ب، ش، ط، وقد استدرك من نسخة (ع) وصحيح مسلم. وقوله: "قال: من تصدَّق بصدقة؟ قال أبو بكر: أنا" زيادة لم ترد في صحيح مسلم.
(٤) أخرجه النسائي عن معاذ بن جبل ٤/ ١٦٦ في الصوم: باب فضل الصيام، وهو حديث صحيح. وهو قطعة من حديث أخرجه البخاري رقم (١٨٩٤) (٢) في الصوم وغيره، ومسلم رقم (١١٥١) في الصيام، والموطأ ١/ ٣١٠ وأبو داود رقم (٢٣٦٣)، والنسائي ٤/ ١٦٣. والجُنَّة: الوقاية.
(٥) أخرجه النسائي ٤/ ١٦٧ في الصوم: باب فضل الصيام، وهو حديث حسن. ورواه أيضًا ابن ماجه رقم (١٦٣٩) في الصيام: باب ما جاء في فضل الصيام؛ وأحمد في "المسند" ٤/ ٢٢، ٢١٧ عن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه. وانظر "الترغيب" ٢/ ٨٣ وصحيح ابن ماجه للألباني رقم (١٣٢٨). ولفظه: "الصيام جُنَّة من النار، كجُنَّة أحدكم من القتال".

<<  <   >  >>