للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورَوَى عاصم بن كليبٍ، عن أبيه، عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما، قال: دعا عُمَرُ الأشياخَ من أصحاب محمَّد - صلى الله عليه وسلم - ذاتَ يومٍ، فقال لهم: إنَّ رسول الله - صلى الله عليه - قال في ليلة القَدْر ما قَدْ علِمْتُم: "التمِسُوها في العشْرِ الأواخر وِتْرًا" (١)، ففي أي الوتر ترونها؟ فقال رجل برأيهِ: إنها تاسعةٌ، سابعةٌ، خامِسَةٌ، ثالثة. ثم قال: يا ابن عبَّاس، تكلَّم، فقلْتُ: أقولُ برأيي؟ قال: عن رأَيك أسألك، فقلْتُ: إنِّي سمِعْتُ الله أكثَرَ مِن ذكر السَّبْعِ، وذَكَرَ باقيه بمعنى ما تقدَّم. وفي آخره: قال عُمَرُ رضي الله عنه: أعجزتم أن تقولوا مثلَ ما قال هذا الغلامُ الذي لم تستوِ شؤون رأسِه؟! خرَّجه الإسماعيلي في مسند عُمَرَ، والحاكم (٢)، وقال: صحيحُ الإِسناد. وخرَّجه الثعلبي في "تفسيره" وزاد "قال ابنُ عباسٍ: فما أُراها إلا ليلةَ ثلاثٍ وعشرين لسبْعٍ يَبقين". وخرَّج علي بن المديني في "كتاب العلل" المرفوع منه، وقال: هو صالح، وليس مما يحتج به.

وروى مُسلم (٣) الملائي - وهو ضعيفٌ - عن مجاهد، عن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما، أنَّ عُمَرَ قال له: أخبرني برأيك عن ليلة القَدْرِ، فذَكَر معنَى ما تقدَّم. وفيه أن ابنَ عباس قال: لا أراها إلا في سبْعٍ يَبقين من رمضانَ، فقال عُمَرُ: وافَقَ رأيى رأيكَ. ورُوي بإسنادٍ فيه ضعفٌ، عن محمد بن كعبٍ، عن ابن عبَّاس: أنَّ عُمَرَ رضي الله عنه جَلَسَ في رَهْطٍ من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فتذاكروا ليلَةَ القَدْرِ، فذكر معنَى ما تقدَّم، وزاد فيه: عن ابن عباس أنه قالَ: وأعطي من المثاني سبعًا، ونهى في كتابه عن نكاح الأقربين عن سَبْع، وقسم الميراث في كتابه على سبْعٍ، ونقعُ في السُّجود من أجسادنا على سبْعٍ؛ وقال: فأُراها في السبع الأواخر من رمضانَ. وليس في شيءٍ من هذه الروايات أنَّها ليلَةُ سبْعٍ وعشرين جَزْمًا، بل في بعضها الترديدُ بين ثلاثٍ وسبعٍ، وفي بعضها أنَّها ليلَةُ ثلاثٍ وعشرين؛ لأنها أوَّلُ السَّبْع الأواخر على رأيه.

وقد صحَّ عن ابن عبَّاسٍ أنَّه كان ينضحُ على أهله الماءَ ليلَةَ ثلاثٍ وعشرين.


(١) من حديث طويل أخرجه البخاري ومسلم، وقد مضى تخريجه.
(٢) رواه الحاكم في "المستدرك" ١/ ٤٣٧ - ٤٣٨ على شرط مسلم، ولم يخرجاه.
(٣) هو مسلم بن كيسان الضَّبِّيُّ، المُلَائي البرّاد الأعور، أبو عبد الله الكوفي، ضعيف، من الطبقة الخامسة. (التقريب ٢/ ٢٤٦).

<<  <   >  >>