للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المفرطَ فيه بكاؤه، وقد عظُمَتْ فيه مصيبَتُهُ وجَلَّ عزاؤه؟ كم نُصِحَ المِسْكينُ فما قبِلَ النُّصْحَ! كم دُعِي إلى المصالحة فما أجابَ إلى الصُّلْحِ! كم شاهد الواصلين فيه وهو متباعد! كم مَرَّتْ به زمر السَّائرين وهو قاعد، حتى إذا ضاقَ به الوقتُ وحَاق به المقْتُ (١)، نَدِمَ على التفريط حين لا ينفَعُ النَّدم، وطلَبَ الاستدراكَ في وقتِ العَدَم.

أتتركُ مَن تُحبُّ وأنْتَ جارُ … وتطلبُهُم إذا (٢) بَعُدَ المَزَارُ

وتبكي بَعْدَ نأْيِهمُ اشتياقًا … وتسألُ في المنازِلِ أينَ سَاروا

تركتَ سؤالَهم وَهُمُ حُضُورٌ … وتَرْجُو أن تُخَبِّرَكَ الدِّيارُ

فنفسَكَ لُمْ ولا تَلُمِ المَطَايا … وَمُتْ كَمَدًا فليسَ لَكَ اعْتِذارُ

يا شهرَ رمضانَ ترفَّقْ، دموعُ المحبِّين تُدْفَقْ، قلوبُهم من ألم الفراق تَشَقَّقْ، عَسَى وقفةٌ للوداع تطفئ من نار الشوق ما أحرق، عَسَى ساعةُ تَوْبةٍ وإقلاعٍ ترفو من الصِّيام كُلَّ ما تخرَّقْ، عَسَى منقطِعٌ عن رَكْبِ المقبولين يَلحقْ، عَسَى [أسيرُ الأوزار يُطلَقْ، عسى] (٣) من استوجب النار يُعتقْ، [عسى رحمة المولى لها العاصي يُوفَّقْ] (٤).

عَسَى وعَسَى مِن قَبْلِ وَقْتِ التَّفَرُّقِ … إلى كُلِّ ما ترجُو مِن الخَيْر تَرْتَقي (٥)

فيجبر مكسور ويقبَلُ تائبٌ … ويعتق خَطَّاء ويَسْعَدُ مَن شقِي (٦)

* * *


(١) في ط: "وخاف المقت"، وهو تحريف.
(٢) في ب، ط: "وقد".
(٣) ما بين قوسين لم يرد في آ، وورد في ع مؤخرًا.
(٤) زيادة مستدركة في هامش ع.
(٥) في ط: "تلتقي".
(٦) روايته في آ، ش:
فيقبل مردود ويقبل تائب … ويُجْبَر مكسور ويسعد من شقي

<<  <   >  >>